مجموعة شبابية تنطلق بفكرة لها جمهور واسع، ولا تجد تمويلاً فتموت الفكرة ومعها الأحلام. مشروع جميل ينطلق برؤوس أموال العائلة والأصدقاء وينجح، لكنه لا يتمكن من النموّ والتوسع. من أكبر التحديات التي تواجه الشركات الناشئة عموماً هو صعوبة الحصول على رأس المال المؤسسي، فتجد أكثر هذه الشركات تعمل برأس مال العائلة والأصدقاء في البداية، وهذا المتعارف عليه في هذا المجال. وللانتقال والتوسع في العمليات أو البنية التحتية، فإن المؤسسات الصغيرة عادة ما تحتاج إلى رأس مال خاص Private Equity لسد هذه الفجوة المرحلية. لكن من المستغرب أن تبقى بعض الشركات الصغيرة الناجحة أكثر من عشر سنوات لتنتقل إلى المرحلة التالية (مؤسسة متوسطة) بسبب غياب رأس المال الذي تحتاج إليه للتوسع، وهذا مع الأسف ما يحدث عندنا. تعلّمنا في أسس المصارف أن مهمة البنك الأساسية هي المساهمة في تدوير النقد بالداخل، بحيث ينتقل رأس المال الفائض إلى خانة الاحتياج، فتدور العجلة الاقتصادية وتوجد الوظائف ويستفيد المستثمر والبنك والمواطن ككل. وعادة ما تتجنب البنوك إقراض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لما تنطوي عليه من مخاطر متنوعة لا يتحملها البنك، مثل عدم تملكها لأصول يمكن رهنها مقابل الإقراض. مشكلة أخرى هي غياب المؤسسات الإقراضية المتخصصة Finance Institutions أو رأس المال المخاطرVenture Capital، التي تركز على انتهاز الفرص الناشئة وربما في قطاعات ومشاريع محددة تدرسها بعناية. أما من ناحية المؤسسات الناشئة، فكثير منها لا يملك التوجه الواضح ناهيك عن دراسة الجدوى، ونسب نجاح المشروع وسياسة الخروج Exit Strategy. إذن باختصار، فإن الأفكار الخلّاقة والإبداع موجودان في شبابنا، ورؤوس الأموال متوافرة بغزارة لكن ما بينهما يظل غائباً أو مبعثراً في أجزائه، ما يضيع فرصاً كثيرة، ويبدد أحلاماً يمكنها أن تأخذ شبابنا إلى مصاف العالمية، وبلادنا في صدارة الدول الناشئة.