بمنتهى السرعة يُسابقك الكيبورد فتخرج أفكارك وربما أدوات نحرك بيديك لا بيد عمرو الشهيرة؛ عصر الحرية معك وفوقك وتحتك، والمطلوب أن تحرث الأرض التي علمتك الصبر والاحتضار، وأن تُطلق الزغاريد كلما قامت ثورة لتحرير العبيد، وألاَّ تقول إن كل ما يحدث هو تغيير وجوه وأقنعة ليس إلا. حينما تبدأ الكتابة تتذكر أن من أبجديات الاستمرار أن تقص أظافرك جيداً وأن تتباهى بنظافتها في كل طابور صباح وحصة تعبير، وأن تبرهن على أدبك الجم قبل كل إقلاع عربي محفوف بالمخاطر بدعاء السفر إلى المجهول. أرضك العربية السمراء وجبالك الخُضر ووديانك الخصبة؛ أصبحت قاحلة إلا من كيبورد وأصابع غليظة تكتب المأساة لكل المأخوذين بنشوة الديمقراطية، للذين يحلمون بها من نصف قرن، وحينما صارت على الأبواب تداعوا كالأكلة إلى قصعة غاب حُراسها، وليس ثمة رشيد يلوح في أفق الغيب كي يلملم الكارثة، ويخفف من حزن السيد عربي. الكيبورد يبكي تحت أصابعك الغلاظ، وأنت تدور كالمومياء باحثاً عن فرصة نجاة في مضمار تديره الحوامل. الكيبورد يستجيب لأنفاسك ويحولها إلى فكرة وموبقة وأحلام صبايا فاتنات كل ذنبهن أنهن عربيات يمارسن الحياة بعد أن توارت بالحجاب. الثورة لا تحررك من كامل الموبقات؛ بل تهمس في أذنيك ألا تراهن على أي من القادمين، فكل ما حولك لعبة، وتسلية، وتجارب قردة مأخوذة بالورق الأصفر في سيرك بلا ألوان، وعلى بابك العربي الجديد ألف عمامة، وألف طامع يركب الدين كي يصل إلى عروش تأكلها الأرضة؛ أبداً تأكلها الأرضة!!