إن أسلوب التجمهر أمام الجهات الحكومية أو الخاصة للمطالبة بحقوق أو ما شابه ذلك يعد أمراً غير مقبول لعدة اعتبارات، يأتي في مقدمتها أنه أسلوب غير حضاري يوحي بالعشوائية وعدم التنظيم، فالتجمع وما قد يصاحبه من تصرفات يعكس صورة لا تليق بمجتمع متحضر يفترض أنه يستخدم طرقاً تضمن وصول مطالبه للمسؤول دون الحاجة لمثل هذه التجمعات، ثم إن الموظف الذي ينشغل بشأن تجمع ما، وربما يسافر من أجل المشاركة، بالتأكيد سوف يكون مقصراً في أداء عمله، منصرفاً عن واجبه بشأن آخر، وهذا حتماً سيمتد أثره السلبي ليصل المواطن المستفيد من الخدمة التي تقدمها تلك الجهة التي ينتمي لها ذلك الموظف، أما المنشأة التي يزدحم محيطها بالمتجمهرين فهي بلاشك الأكثر تضرراً، حيث إن حركة المرور تتعثر؛ جرّاء تزايد أعداد المركبات، هذا إلى جانب تعطيل مصالح المراجعين؛ بسبب إربكاك الموظفين العاملين داخل الجهة التي يقف مجموعة من الأشخاص أمام مداخلها، وما يجدر ذكره في هذا الصدد أن ثمة جهات عدة يتأثر سير عملها في حال حصول مثل هذه التجمعات، ومنها الأمن على سبيل المثال، الذي يصبح لديه عبء إضافي؛ نتيجة لهذا الأمر الطارئ. ومما سبق يتضح أن أسلوب التجمع لأجل المطالبة بأمر ما له سلبيات عدة؛ لهذا أرى أن الحاجة ماسة لتفعيل قنوات رسمية تضمن وصول صوت من له حق للجهة المسؤولة عن ذلك؛ لتكون بديلاً عن العشوائية التي تشوب أي تجمهر؛ فالمؤكد أن الأنظمة الفعّالة هي التي تحقق رضا الكل، وتجعل المسارات واضحة للجميع، ومن له حق أو مطلب يستطيع نيله دون إحداث بلبلة أو حرج لأي جهة، ودائماً وأبداً القوانين والأنظمة الشفافة تجعل سير الحياة بشكل طبيعي، بعيداً عن أي مظهر أو تصرف غير مقبول.