لحق الدمار بالبشر والحجر من جراء الحرب الأهلية الدامية الدائرة في سوريا، فتضررت بعض المواقع التاريخية الأثرية الأكثر قيمة على المستوى العالمي، ومكمن الخطورة في الأمر أنه يصعب ترميمها ومعالجتها حسب ما ذكر المؤرخ دان سنو. في أغسطس 2012، مزقت النيران قلب مدينة حلب السورية وانتزعت بعضا من أحشائها، وذكر أحد الصحفيين الغربيين الذي عاصر الحدث أن «النيران التهمت معظم سوق القرون الوسطى الشهير وفتتته إلى ذرات صغيرة تبعثرت هنا وهناك». وبحسب موقع «بي بي سي»، تعد حلب القديمة محط اهتمام هيئة اليونسكو للتراث العالمي، التي أكدت على أهمية هذا التراث الأثري الخلاب على الصعيد الدولي، فهو جزء حيوي من الماضي وقاسم مشترك بين الإنسانية جمعاء، حيث يعد وسط مدينة حلب السورية نمطاً مذهلاً وفريداً يجسد القرون الوسطى، ويعتبره الأثريون تحفة فنية لا مثيل لها على الإطلاق وجزءاً فاعلا في ذاكرة الأمة ومن مقومات ثرائها. وأضاف المؤرخ دان سنو أن سوريا هي نقطة انطلاق الحضارة القديمة ومهدها فمن سوريا بدأ كل شيء، فسوريا والمناطق المجاورة والمحيطة بها هم أول من طور الزراعة من البشر واخترع ما يعرف بالأبجدية الأولى في البشرية جمعاء، فكم تحوي من آثار المدن الرومانية العتيقة، أقوى القلاع في العالم، وأجمل الأسواق الإسلامية في القرون الوسطى والقصور الشامخة ذات الطراز الفريد. حلب مطمع الجميع وكنز بشري نادر، فهي واحدة من أقدم المدن وأكثرها التي تعرضت للاحتلال باستمرار على الدوام على هذا الكوكب، كما أن موقع سوريا الجغرافي في قلب التاريخ البشري مكنها من أن تصبح شريان التجارة العالمية الذي يربط الشرق مع الغرب. وتعرض مسجد خالد بن الوليد، أحد أعظم جنرالات التاريخ، إلى القصف الوحشي ولحقت به أضرارٌ بالغة، وتعرضت أيضا قلعة الحصن، إحدى أروع القلاع في العالم، للهجوم والقصف المدفعي من القناصة، وراجت عمليات البحث والتنقيب غير القانونية عن الآثار بهدف الاستيلاء عليها وبيعها للحصول على حفنة زهيدة من الدولارات.