كانوا يلقبونه (حكو). كان طبالا في حفلات الأعراس. يقذف بالطبلة في الهواء ثم يتلقفها ويتابع القرع. كان بطالا مشردا. حظه أن ولد في وسط لم يعطه الحنان والاحترام. رأسه كان كبيرا مفلطحا.كان جبار العضلات يجر كيس الحجر ولا يرهق. كان سكيرا وأكثر من ذلك في ممارسة الموبقات. مع هذا كان طيب القلب بسيطا لا يحمل حقدا أو ضغينة تجاه أحد. جل همه أن ينام في غرفة فيها فراش، ويأكل كسرة خبز وصحن أدام. مررت عليه يوما إلى غرفته قرأت الأبيات الشهيرة للشاعر السوداني الراحل إدريس محمد جماع، مكتوبة بخط يده، وكانت له طريقة في الكتابة أذكر منها جملة لا أنساها (سبحان من أغنى السطور عن الحضور). في تلك الأبيات رنة حزن ويأس. إن حظي كدقيق بين شوك نثروه ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه صعب الأمر عليهم قلت قومي اتركوه إن من أشقاه ربي كيف أنتم تسعدوه؟ مازالت هذه الأبيات مغروسة في الذاكرة. حاولت لملمة أوضاعه فصارحته حين ذهبت إلى ألمانيا أن أخصص له رأس مال من راتبي الألماني فيعمل بكد يمينه، وعرق جبينه، ويكف عن السؤال أو تهديد اليهود في السوق (يأخذ خوة كما يقولون دفعا لشره). مشكلة (حكو) لم تكن في الطبلة والتشرد، ولا حتى في الزنا والسرقة. كانت مشكلته في الكذب. الحديث النبوي أقرَّ بإمكانية أن يسرق المؤمن ويزني ولكن لا يكذب. مشكلة الكذب أنه مفتاح كل الخطايا. هل إذا استخدمت جهاز حساب فيعطيك نتائج مختلفة، أن تلقيه في سلة المهملات؟