تعتقد الباحثة حنان مصطفى، أن قصص المشردات تكاد تكون متشابهة، ففي الغالب يكن قد هربن من بيوت أقاربهن وانحدرن إلى العاصمة أو مراكز المدن نتيجة لتعرضهن إلى الإغواء أو ممارسة انحرافات سلوكية أو نتيجة الفقر أو التعرض للمعاملة القاسية، وغالباً ما تكون الشبكات المختصة بالدعارة بانتظارهن لإقناعهن بممارسة الدعارة أو العمل في الملاهي الليلية ثم التخلي عنهن إذا ما ألقي عليهن القبض وتمت إحالتهن إلى سجون الأحداث أو دار المشردات في حال كن في أعمار صغيرة. الباحثة مصطفى تقول إن أخطار الانحراف على يد هذه الشبكات تلاحق الفتاة المشردة حتى بعد خروجها من دار المشردات، فحجم الحصانة التي تتلقاها الفتاة في الدار ليست كافية لمنعها من فرصة الحصول على المأوى والحماية والمال مقابل جسدها. خلال سنوات قضتها الباحثة نجلاء حسن في دار المشردات، لم تصادف «إلا نادراً»، مشردات لديهن استعداد لتغيير سلوكهن. فغالبيتهن لم تكن يعرفن سوى قصص التسول والانحراف السلوكي ويقضين الوقت في تدبير الدسائس لبعضهن بعضاً والدخول في مشاجرات عنيفة وتبادل الشتائم البذيئة. ويلخص الباحث علي الخفاجي الأسباب الرئيسة للتشرد في العراق ب «الفقر وتفشي البطالة وآثار الحروب والتفكك الأسري»، إضافة إلى «التهجير القسري الذي شهده العراق خلال النزاعات الطائفية في السنوات الأخيرة». في دراسته التي أجراها لعينة من ثلاثين نزيلاً في دار المشردين، وجد الخفاجي أن أكثر من نصف المشردين لا يعرف القراءة والكتابة بالكامل، وأكثر من 60 في المئة منهم فقدوا أحد الوالدين، فيما تعاني عائلات 26 في المئة منهم من انعدام أي موارد في شكل كامل، ويعيش 56 في المئة من أسر هؤلاء المشردين في بيوت مؤجرة من غرفة أو غرفتين أو بيوت متهالكة في أحياء الصفيح المنتشرة في أطراف المدن. الفقر الذي شخصه الخفاجي كسبب رئيس للتشرد، دفع الفتاة آمال ذات ال16 عاماً إلى أن تعود إلى دار المشردات ثلاث مرات خلال أقل من عامين، هرباً من العيش مع أسرتها الفقيرة التي تمتهن جمع وبيع العبوات الفارغة للمشروبات الغازية.