كانت ومازالت المدرسة من أكثر الوسائط التربوية الملازمة لحياة البشر عبر الزمن ، وبعدما كانت حكراً على المجتمعات في البلدان المتقدمة وعلى الطبقات البرجوازية..أصبحت أيضاً شكلاً مألوفاً عبر البلدان النامية ودول العالم الثالث، بل أصبحت معيار التنمية المجتمعية لكل مجتمع، وأصبح مدى تقدم الأمم على غيرها يقاس بمدى دعم الدولة لقطاع التعليم، من حيث الإنفاق الحكومي وسياساته ومناهجه وأنشطته وأوعيته..وكل ذلك لايصب حقيقياً إلاّ داخل أسوار المدرسة . وعلى ذلك ظهرت الفلسفات التربوية والدعوات التصحيحية لوضع المدرسة وأقطابها الملازمة لها بما يتناسب مع المخرجات التعليمية والتربوية..ومن هذه الدعوات ،دعوة إلى تحرير المتعلم من الفكر المدرسي المكبّل في كثير من الأحيان لفكره والمقولب لسياسات تعليمية عليا تتحكم في اتجاهه ومصيره، وتلغي حريته وتحرره الفكري، ففي أواخرعصرالنهضة بعد اضمحلال التعليم وبعد أن انتشر الزهد وسادت النزعة الدينية وضعفت الحركة الإنسانية (كما يرى المؤرخون )، ظهرت الفلسفة الطبيعية، (التي أعتقد أنها البداية الحقيقية والامتداد الطبيعي للدعوة إلى اللامدرسية )، فظهرت الفلسفة الطبيعية لتنادي بالرجوع إلى المناشط التعليمية التي تتماشى مع القوانين الطبيعية الأصيلة كتشجيع الخبرات المباشرة والرحلات الميدانية. التي تشجع على الذاتية في التعليم ورفض التعسف الذي يقمع تنمية الميول الطبيعية للمتعلم . وكان لاهتمام جان جاك روسو (1712 – 1778 م) بالبُعد الإنساني ككل، وللحركة التصحيحية للتعليم بشكل خاص–الأثر الكبير في بلورة الفلسفة الطبيعية، فرسم للتربويين مسار التعليم ورسخ دور الطبيعة لا المدرسة في تنمية الأطفال.وفي تربيتهم تربية صحيحة تحررهم من المدارس والأنشطة الصفية التي تُكَبل النفس بقيود كثيرة، وتكبل الفكر بكوابح عديدة، وتمنع الطفل من الانطلاق والتعلم والتمتع بالعالم الفسيح من حوله الذي يحتوي على خبرات ثرية تفي بحاجته وتلبي طموحاته.