ربما على الإخوان المسلمين أن يحلوا مشكلة المرور في مصر ليفسحوا الطريق للانتخابات البرلمانية القادمة، ولهذا فقد سارع الدكتور سعد الكتاتني في الاتصال بجبهة الإنقاذ قبل أن يغرق حزب «الحرية والعدالة» في دموع الدكتور خالد علم الدين الذي قالت «الرئاسة» إن إقالته جاءت لأسباب شخصية، ولم تنف الأسباب العائلية التي كانت وراء إقلاع ابن الرئيس عن وظيفة «الطيران». فلاشك أن هناك علاقة بين مبدأ السمع والطاعة للمرشد والعصيان المدني في بورسعيد والإسماعيلية، وبين إشاعة عزل الفريق أول عبد الفتاح السيسي وحقيقة إغلاق الأنفاق في سيناء مع ملاحظة أن تمصير الإخوان أسهل من أخونة الجيش. ولا أنصحك بالشفقة على بكاء «النور» ولكن على الظلام الذي -مازال- يملأ قلوب أمهات الشهداء، والفرق بين رجل الأعمال حسين سالم والفريق أحمد شفيق أن الأخير لايمتلك مليارات الدولارات، ولهذا فلا مانع من إرسال وفد للتصالح مع الأول ومطالبة الإنتربول بالقبض على الثاني. أما الرموز السياسية فقد صارت تنافس فرق دوري كرة القدم وكلاهما يلعب تحت الحراسة وبدون جمهور، والنادي الأهلى أعار لاعبه محمد أبو تريكة إلى نادي «بني ياس» الإماراتي، وأبو تريكة هو اللاعب المصري الوحيد الموجود في الإمارات فضلا عن الفريق شفيق. وفي مصر فرق عديدة كل منها يزعم أنه يريد للبلاد أن تتقدم، وسبب تأخر مصر أن كل حزب فيها يريد الزعامة، ويمتلك عديدا من الألسنة ولايسمع لغيره، بينما تصغير الآخر لايطيل القامة، والكبر يقلص قدر صاحبه؛ ألم يقل الفاروق: «أخطأ عمر وأصابت امرأة»؟!. ومصر الآن مقسمة إلى فئات: جزء مع النظام والآخر مع المعارضة والثالث مع الثورة أما القوات المسلحة والأزهر فقد فضل كلاهما أن ينضم إلى الشعب والشعب يريد الحياة ولكن لا حياة لمن تنادي، فالاقتصاد ينهار، والصحة في النازل، والسكك الحديدية تقطع، والبورصة تخسر، وأفراد الشرطة يغلقون الأقسام بالسلاسل، والبلطجية يسيطرون على الشارع، ومن ينادي بإسقاط النظام لايقترح البديل، ومن يصر على استمرار السلطة لايمتلك الحلول ولا حول ولا قوة إلا بالله. وكل أسبوع يتم الدعوة لمليونية وفي مصر ملايين الفقراء ممن لايفهمون ما يحدث حولهم ويرفضون ما يحدث لهم، ومن يتحدث باسمهم وهو لايرتدي ملابسهم ويسكن معهم في بيوتهم ولم يضع جسده على فراشهم ويشرب من كوبهم ويقاسمهم طعامهم. هؤلاء الفقراء هم من قامت الثورة من أجلهم، ومن تؤجل أحلامهم، ومن ينفقون من قوت عيالهم على قصر الرئاسة، ويتكدسون في «أتوبيسات» النقل العام ليجلس السيد هشام قنديل رئيس الوزراء مستريحا في سيارة فاخرة، هم من يروعهم البلطجية بينما الوزراء يسيرون في حماية الشرطة، وهم من يعملون في صمت بينما الساسة يثرثرون ويثيرون الصخب، وهم إذا تأكدوا أن النظام بسلطته ومعارضته تخلى عنهم خرجوا إلى الشوارع والميادين ليطيحوا به. آخر سطر: أعزّوا ذليل قوم قبل أن تصيروا عزيز قوم ذل.