يوم الثلاثاء 12/2/ 2013 لم يكن كأي يوم عاديّ، فقد غربت شمس الرياض بصحبة روح أميرها البشوش المتواضع سطام بن عبدالعزيز، ارتبط سكان العاصمة منذ أربعين سنة بسطام بن عبدالعزيز، وكيلاً للإمارة، ثم نائباً للأمير، وأسلمت روحه إلى بارئها وهو على هرم إمارة الرياض، كان بعيداً عن الإعلام، حريصاً على العمل، قريباً من الناس، وكيف لا يكون وهو من أمضى سنوات طويلة مع خير المعلمين ولي العهد الأمين الأمير سلمان بن عبدالعزيز، برغم قصر فترة إمارته التي قاربت العام ونصف العام، لكنه كانت له قرارات عديدة مميزة على عدة مستويات، ومن تلك القرارات على سبيل المثال لا الحصر قرار السماح للشباب بدخول المجمعات التجارية، وواجه جميع التبعات بقوة وحزم، وقام بتحويل الشباب الذين استغلوا القرار لغرض المعاكسات للقضاء، ولم يقبل فيهم الشفاعة، وطالب بتطبيق أقصى العقوبات من خلال الادعاء العام، وفي المشاريع الخدمية سخّر جهوده لمشروع المترو والنقل، وقام بمنع شركتي المقاولات الكُبريَين في المملكة من الترشح نظراً لاحتكارهما مئات المشاريع الجبارة في أنحاء المملكة، وقام بتقسيم المشروع على تحالفات تتكون من أكثر من عشرين شركة محلية وعالمية للتنفيذ، وتتم الاستفادة من خلال شركات أخرى لتكون المنفعة لشريحة أكبر بدلاً من احتكار هاتين الشركتين. أتذكر موقفاً طريفاً حصل أمامي في حفل تخريج الدفعة الأولى في جامعة اليمامة الأهلية في الرياض، وقف الأمير سطام عند انتهاء الحفل لالتقاط الصور التذكارية مع الخريجين، وأثناء ذلك كان يعزف السلام الملكي من خلال تسجيل، ولخلل فني تعطل التسجيل، ولدقيقة كاملة كان الصمت سيد المكان، وكان مدير الجامعة الدكتور أحمد العيسى، في حالة ارتباك من هذا الموقف المحرج، وفجأة وإذا بصوت الأمير يقطع ذلك الصمت المهيب، وقال ببساطة وعفوية (دام التسجيل خرب أنتم قولوا النشيد)، وراح الطلبة بصوت واحد هم والأمير ينشدون السلام الملكي. المصاب جليل، خصوصاً لأهالي العاصمة الرياض، الذين شاطرهم سطام طوال أربعين سنة أفراحهم وأحزانهم، عاد مرضاهم وتفقد أحوالهم، ولم تكن تنقطع خطابات الأوامر العلاجية لمختلف مستشفيات العاصمة، وللتيسير على المواطنين فقد أعطى لموظفيه تلك الصلاحيات للتسهيل في حال غيابه أو وجود أمور مستعجلة، ولم يكن يكلّ أو يهدأ، فقد كانت جولاته التفتيشية الليلية على مراكز الشرطة تقطع سكون الليل، عدا زيارته للسجن العام قبل سنوات، وطلبه ملفات قضايا الديون للمواطنين، وقام بتسديد 15 مليون ريال لسجناء الحق الخاص، خرج على أثرها المئات من السجن. رحل سطام بن عبدالعزيز لكن أعماله كانت وستظل شاهداً عليه في قلوب سكان العاصمة، عزاؤنا لأبنائه وبناته ولأسرته ولمحبيه، فقد كان سطام مميزاً فريداً، عمل بهدوء ورحل بصمت.