حمّل مثقفون المجتمع مسؤولية عدم تقبل المجتمع للمثقفين، في جلسة حوارية عُقدت في مجلس ألمع الثقافي في قرية رجال مساء أمس الأول، حول «المثقف ودوره في المجتمع». وقال قيس شحبي، خلال الجلسة التي أدارها الناقد علي فايع الألمعي، إن المثقف حارس، وحارث يشبه المزارع الذي ذهب ليزرع أرضه فزرع نصفها وترك نصفها الآخر، مضيفاً أن «لدينا مجتمعاً يستطيع أن يتقبل مائة ألف داعية»، لكنه لا يستطيع أن يتقبل مثقفاً واحداً، متسائلاً: لماذا لا نرى مثقفاً واحداً يدير بلدية أو مستشفى؟ مشدداً على أن العلاقة يجب أن تُبنى على الاحترام والتقدير. وأوضح الأديب إبراهيم طالع الألمعي أن المثقف معنيّ بالجمال، ولا دور يُنتظر منه في مجتمع لا يُجيد أفراده سوى التصنيف على فكرة أو كتابة أو موقف. فيما رأى الكاتب إبراهيم شحبي أنه ليس هناك مجتمع في العالم يجلد مثقفيه كما يفعل مجتمعنا. وقال إنه لا يرى فرقاً بين الكاتب والمثقف، فالكاتب مثقف يتجاوز دوره مطالب الناس في الحياة إلى تثقيف المواطن وتبصيره، وأن المثقف لم يعد له دور كبير في التأثير حالياً، مشيراً إلى أن باستطاعة أي شخص أن يكون مثقفاً وشيخاً وداعية «والبركة في (جوجل)». وأضاف «لدينا مجتمع يتلذذ بجلد المثقف وتحميله فشل المجتمع في النهوض بمطالبه وحقوقه»، موضحاً أن «هذا الجلد نابع من حمولات نفسية في مجتمع يغار ويحسد ويحقد»، مبيناً أن مشكلة المثقف لدينا أنه يعيش في مجتمع كل أفراده نرجسيون. أما الإعلامي عبدالله السلمي فشدد على أهمية الإيمان بأن المثقف في طريقه للذوبان، بعد أن كسرت وسائل التواصل الحديثة هيبته، وربما بقي وحيداً إن لم يستطِع التواصل مع المجتمع والخروج من العزلة، أو الوهم الذي يعيش فيه. ورأى الكاتب محمد البريدي أن المجتمع قاسٍ على المثقف حين يطلب منه أن يفعل ما لا يملك، فالمجتمع يخلط بين دور المثقف في الحياة، ودور الإعلامي. ورأى إبراهيم مسفر الألمعي أن كل متميز في مهنته مثقف، وبضاعة الأديب أدبه، ولدينا مشكلة كبرى أننا لا نقرأ الثقافة بشكل صحيح، وعلينا أن ندرك أن الثقافة تجاوزت حدودنا، ويكفينا أن الكتاب اقتنعوا بالهبوط إلى المجتمع حين وجدوا أنفسهم معزولين عنه. في حين دعا أحمد مروعي أفراد المجتمع أن لا يطالبوا المثقف بالمستحيل، وهو يسابقهم على أبواب البنوك ليقترض، ورأى أن «الضعيف لا يملك أن يُنجي ضعيفاً». أما عامر جابر فاعترف بأن وسائل التواصل الحديثة ألغت احتكار المثقف ودوره السابق في الحياة، ولم يبقَ للمثقف سوى تصحيح ما ليس صحيحاً. وتساءل الكاتب علي مغاوي عن التحول في وعي المثقف ذاته، موضحاً أن المثقف لم يعد كما كان، بل أصبح لدينا عالم افتراضي يضم أشباه مثقفين يكتفون بنقل تغريداتهم من كتب ومراجع ومقولات عامة، مشيراً إلى أن لدى الناس شهوة كلام مفتوحة، لكن التقنية الجديدة حوّلت هذه الشهوة الكلامية إلى حجة على المثقف ذاته، وعليه إن أراد الحضور أن يتمسّك بمواقفه، فيكتب، ويقول، ويفعل إن لزم الأمر.