حين عدتُ من المدرسة إلى البيت، وجدت أبي في الصالة. خفتُ منه، وحاولت أن أتسلل إلى غرفتي، لكنه رآني، فناداني. ذهبتُ إليه، فحضنني، ثم سألني. - ما بك؟؟ - أنا خائفة منك. - لماذا يا حبيبتي؟؟ لماذا؟؟ - لأنك تغضب، كلما طلب أحدٌ منكَ شيئاً. - من قال لكِ ذلك؟؟ - أمي. أخذ يفكر قليلاً، ثم قال لي. - عندما تريدين شيئاً اطلبيه مني. وأضاف. - الآباء يتعبون يا حبيبتي في أعمالهم. وعندما يأتون إلى بيوتهم يحتاجون الراحة. لكنهم يشتاقون إلى أبنائهم كثيراً. فرحتُ فرحاً شديداً بكلامه، وحضنته بشدة. ترددتُّ قبل أن أسأله. - إذن أنت لن تمانع أن أزور صديقتي التي تسكنُ بجوارنا؟؟ - أبداً يا حبيبتي. تردد قليلاً، ثم قال لي. - وماذا ستأخذين معك لصديقتك؟ سألته. - ماذا تقصد يا أبي؟؟ - أقصد أن تشتري لها هدية. علبة حلوى، باقة ورد، هدية تذكارية. احمرّ وجهي خجلاً لمبادرته الرقيقة. قام عن كرسيّه قائلاً. - بعد صلاة العصر، ارتدي ملابسك، وسأذهب أنا وإياك إلى السوق. ذهبت وإياه إلى السوق، ولم تكن أمي معنا، لأنها كانت مشغولة بأوراق المدرسة التي تعمل مديرةً لها. اشترى لي أبي ملابس جديدة، وحقيبة زاهية، وطقم أقلام فاخر وثلاث زجاجات عطر. واشترى لصديقتي لوحة زيتية لمجموعة أطفال يرتدون ثياباً بيضاء، يحملون سلالاً من الورد ويمشون على ساحل البحر. * * * تلك الليلة، لم أستطع النوم من الفرح. كنت أنتظر الغد بفارغ الصبر. وحين نعست عيناي، حلمت بأطفال، وبثيابهم البيضاء. حلمت أنني معهم أحمل سلة ورد وأمشي إلى جانب البحر.