بينما كنت أتصفح -هنا في اليافعة الولود «الشرق»- مقالاً بعنوان: «القهقهة من الأسى: مهنة الساخرين»، لأخي الزميل الفاضل المهندس غانم الحمر؛ لفت انتباهي تعليقٌ للقارئ الأستاذ فهد عريشي، فتمنيت أن لو كنت أعرفه، أو أن أكون صاحب التعليق، لأفاخر به بين زملائي القراء منطقاً وجمالا، ولكن بما أنه قارئنا، فكلنا في «الشرقِ» فهدُ. قدّمَ فهدٌ في تعليقه وصفةً موضوعيةً لما يتطلع إليه من كاتِبهِ في إطارٍ من العلائق الفكرية المهنية.. وهاكم تعليقه يقول فيه: «يريد القارئُ من الكاتب أن يكون مُحدثاً، لا مُعلماً، بحيث يجدُ القارئُ نفسَه إلى صديقٍ يسامره، لا أَمامَ مُعلمٍ يُلقنه.. القارئُ يريد من الكاتب أن يكونَ له زميلا مخلصا، فيحدثه عن تجاربهِ، ووجهاتِ نظره، لا أن يقفَ منه موقفَ الواعظ على منبره، يميل صلفاً وتيهاً بورعه وتقواه.. يريدُ القارئُ أن يشعرَ بأنه في ضيافةِ الكاتب، يستمتع معه بحلو الحديث..» إلى آخر حديثه. حسناً.. لنسأل أنفسنا معشر الكتاب: هل القارئُ مازال بحاجةٍ إلى كاتبٍ يقدم له مادةً علميةً أو أدبيةً كل صباح، أم إنه تقدم خطوة إلى الأمام، حيث الحصول على كل ما يريد في مُختلفِ ألوان العلوم والآداب بمجرد لمسةٍ من أصبعه على شاشةِ هاتفهِ الإلكتروني الذي يحمله معه أينما سار، فلم يعد ينتظر طلَة الكاتب من برجه العاجي ليهديه ورقة يقرؤها؟ أظن أن القارئ الحديث بات يطالع ما يشاء من سيل المعرفة وهو على سريره الوثير في برجه العاجي الخاص بعالمه!