ضوئية لمقال سهام الطويري المنشور بتاريخ 15 يناير الجاري معاذ الحاج مباركي لقد اطلعتُ على مقال الكاتبة سهام الطويري بعنوان (العلاج بالرقص) المنشور في العدد 408، وهو مقال جريء لما ينادي إليه من تعميم العلاج بالرقص ليغطي الغالبية من فتيات بلاد الحرمين الشريفين، وتكريس مفهوم تعلم الرقص ومزاولته كسلوك طبيعي تأسياً بفتيات العالم الراقصات هناك في أندية ومسارح الرقص المعلن دون رقيب! ولقد تساءلتْ في بداية مقالها بأنها لا تعلم من سلب النساء في بلدنا حقهن في تعلم الرقص؟ لقد وصفته بأنه حق مسلوب! وإني لأتساءل منذ متى كان الرقص حقاً يطالب به سواء في حياتنا أو أعرافنا وتقاليد مجتمعاتنا؟! وتقول إنها من إقليم جنوبي حينما كان الرقص في الجنوب وسيلة للتعبير عن الفرح وتعزيز الثقة بالذات وجذب الانتباه والتنفيس عن مشاعر الكدر والضيق وإشاعة أجواء حلقت فيها مزاجات الأماني والبهجة والغيرة والسخرية تحت ضوء المازوت المحترق على أطراف الفانوس، فلا مبرر لكتم أنفاس الحديث عن الرقص وعدم الخوض فيه! إلى هنا حلو الكلام، ولكن سأتوقف لهنيهة لتأمل الفارق الكبير بين فتاة ذلك الزمان التي هي من جداتنا اللواتي رحلن عن الحياة، وفتاة زماننا الحاضر التي تتحدث عن راقصات الشانزلزيه وراقصات اليوجا، هل هن يمتلكن نفس مواصفات العفة والنزاهة والبراءة والطهر حتى وهن في أداء رقصاتهن جنباً إلى رجالهن؟ بلاشك أن الفرق كبير والبون شاسع.. إن النظرة التهكمية وازدراء الأخريات اللواتي لم يكتب لهن هذا النوع من الانفتاح في سياق مقال الكاتبة، ولنا فيما سردته في قصة أم مشعل التي سارت في أثر دبلوماسيها فوجدته يتجه صوب المرقص الإيراني.. واحسرتاه! ما هذه اللوثة التي ندعو الآخرين لمواكبتها؟ أوليس هذا استيراداً للفكر المنحرف؟ تقول الكاتبة سهام إن الرقص يكسب الجسم ليونة، أوليست المرأة بفطرتها لينة بما يشيع لدى الرجل الإحساس بأنوثتها المتناهية بما يحقق السعادة التواؤمية لدى الطرفين؟ سواء أثناء الركض الفطري الذي خلق من أجل إدراكه! أو من خلال معترك الحياة كله، فلمَ البحث عن مزيد من الليونة المكتسبة وعدم الاكتفاء بالليونة الفطرية التي هي الأكمل والأجمل؟ ثم إنه من الأمور المتعجلة أن نزج بأجسامنا وأرواحنا في معالجات ودوائيات باءت بلعنات وبيلة على الدول التي كانت المصدر الأساس لانبعاث هذه الأفكار المغايرة لأعرافنا، فزادت من انحلال الروابط وتفكك الأواصر وضياع الأسر، وربما التعرض لعقوبات كارثية نتيجة إعلان المجاهرة بالرقص المغنى الذي هو ليس مقدمات للفواحش بل هو عبودية مستديمة للشيطان والعياذ بالله، حتى وإن كان ذلك تحت أسقف المنازل وبين ظهراني نساء مثلك، فهو ليس بالسلوك المحمود الذي تكتسب فاعلته محمدةً به عند ربها ولا عند ناسها، بل هو نقص في معيار الإيمان وخلل في الرباطً الوثيق بالرب الذي وعد كل من نهى النفس عن الهوى بجنة عرضها السماوات والأرض يجد فيها المؤمن والمؤمنة لذائذ العيش والنعيم الخالد، أوليس الرقص من الهوى؟! أفتجعلين هوى النفس والدعوة إلى الرقص الذي لن يستوي ويعلو صوته إلا على دندنة الناي والإيقاعات الغنائية وسهرات محذورة، سبباً يحول بين فتياتنا ونعيم الآخرة وغناء الخالدات من حور الجنة اللواتي قد كملن خلقاً، ويقال إن في الجنة تُرفع الرقابة عن كمال النعيم، وذلك جزاءً لمجاهدة النفس وكفها عن هواها، وأنّى لنا هذا إن نحن استجبنا لندائك ورقصنا؟! وهناك سبل علاجية للأرق النفسي أنجع من الرقص وهي مبثوثة في كتاب الله وسنة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وكتب العارفين بخبايا النفس الإنسانية بإمكاننا الرجوع إليها واستقاء ما يبعث على طمأنينتنا وراحتنا على متن هذا الكوكب، وسلامة وضمان الآخرة معاداً آمناً لنا.