أربعة أيام ما بين الماريوت ومركز الملك فهد الثقافي.. محاضرات ومطارحات ومساجلات ومشاهدات لقاءات جانبية وجماعية، في المسرح وممراته وفي «اللوبي» وصالة الطعام، جمع جميل أعدته وأخرجته وزارة الثقافة والإعلام، من خلال وكالتها للشؤون الثقافية وكل العاملين، وفي مقدمتهم معالي الوزير الراقي والخلوق عبدالعزيز خوجة، وكل منسوبي الوزارة الذين بذلوا وتعبوا وتلمسوا رضا الحضور، نجحت لقاءات البهو أو اللوبي أكثر، بل كانت تلك اللحظات جائرة على الدقائق والساعات، تشعر والأحاديث تتقاطع عشوائياً إنهم في عجلة حتى لا يسرقهم الوقت قبل التعبير عن الذات والرؤية الخاصة، وقليل من العامة.. والحقيقة يجب أن نؤمن بالاختلافات الجوهرية في التركيبة الاعتقادية لكل فرد تجاه معنى الثقافة وحدودها المكانية والزمانية.. قلت يجب أن نؤمن بالاختلافات، حتى نستطيع أن نتعايش ونتقابل مع السفسطائية الموغلة في تفاصيل كثير من اللقاءات.. فليس في علوم الإنسان حقائق قطعية الدلالة. في هذا الملتقى حُمّلت الثقافة أكبر مما تحتمل، وتداخلت عدة مفاهيم كان يجب أن يتم تحديدها قبل البدء.. لقد تم إقحام الكثير من العادات، والتقاليد، والظواهر سواء الإيجابية أو السلبية، وكذلك جميع الفنون، والتراث، وتم الابتعاد عن «اللب» ونواة الحياة الإنسانية، وإبداع العقل المتمثل ب»الفكر». العجيب جداً! هو عدم إيمان الكثير بوجوب تحديد مرجعيته الثقافية، وهذا القول يحتاج وقفة جادة، إلا إذا كان هؤلاء يتكلمون عن مفاهيم لم تصل إلينا بعد، فالمثقف يبني رأيه بناءً على أمر أو حدث سابق، ولأن المثقفين الأوائل من العرب والمسلمين هم من قدموا نواة العلوم الإنسانية.. وكذلك المثقفين الأوربيين قاوموا سيطرة الكنيسة بالفكر والقلم والقرطاس فحركوا عقول الناس للتحرر من القيود والأغلال، وتمت الاستفادة من الطاقات المحبوسة حتى تناولوا خطام الدنيا. ما أود الوصول إليه أننا بحاجة إلى مثل هذه اللقاءات، ولكن لا بد من تحديد وتصور الإطار العام الذي تنضوي تحته سياقات تؤدي إلى نتائج متوقعة قبل البدء في أية فعالية، وبالتالي نستطيع تلمس النتائج وقياسها، فقد انطلق مصطلح الثقافة بطريقة تعسفية، رافقها شبهة في غياب الوعي بأهداف الاجتماع، وكيفية تحديد المحطة التي يجب التوقف عندها، فلم تعرج بنا مسارات الطرح إلى الثقافة الفكرية التي أعلت من شأن مجتمعاتها، وعززت من قواه، وشموخه، وتقدمه، وصعدت به لواجهة التاريخ، فلا نكاد ننطلق بخطى مستقيمة إلا ونعود للدوران حول محور الهوايات والعادات والتقاليد وبعض التراثيات، التي لم تصل بعد إلى قيّم الثقافة، وستبقى بريئة منها حتى يثبت العكس!. من الشرفة: عزيزي المثقف الكريم: عليك أن تلامس قضايا المجتمع، حتى لا يطول بك المقام وأنت لاهٍ بمفردك تتوقع ملامسة النجوم!