كان ولي العهد ووزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز يقول دائماً إن الجهود الفكرية في مقاومة الإرهاب لا تزال دون المأمول فهي كما بدت محدودة ودون المفترض وأقل بكثير من الجهود الأمنية الكبيرة التي بذلت وتبذل في صمت وهدوء وثقة. كان الأمير نايف محقاً في كلامه ولم يصدر حينها تعميماً بذلك، لأن هذا الدور هو دور وطني في الأساس ومسؤولية اجتماعية بالغة الأهمية، إذ يتوقف على أدائها بالشكل المفترض أمن وأمان الوطن ومواطنيه. إن الجهود الأمنية، مهما كانت فعاليتها ويقظتها، لا يمكن أن تحقق النجاح المطلوب إذا لم يرافقها عمل فكري كبير ومتطور ومستمر، فربما يصل المحققون إلى كل ما يريدون وما لا يريدون من معلومات، فقد يجدون بعد كل تحقيق شركاء آخرين، وقد (يكبسون) قدور المخططات التي تطبخ في الجحور وفي الشقوق، وربما يتسنى لهم أن يخترقوا صفوف تنظيمات سرية جديدة ويحكموا قبضتهم عليها. ربما ينجحون في دهم خلايا نائمة والإمساك بها خلية خلية قبل أن تفرك عينيها وتستيقظ لمباشرة بشاعاتها ضد البلاد والعباد.. وقد يعثر المحققون على أسلحة من كل نوع ويتمكنون من مصادرتها وإفشال برنامج (الفظاعات) الذي تتهيأ للقيام به ضد الأبرياء. لكن هل سيكون المستهدفون بحسب مزاعم خصومهم، ومن سيصادفهم هذا التهور، والوطن ككل، في مأمن من هذا الطيش السافر والجنون غير الجميل؟! فهؤلاء الشباب الذين انخرطوا في العمل الإرهابي ليسوا هم الإرهاب الحقيقي لأن الأخير مازال حراً طليقاً منذ آلاف السنين، وسيظل طليقاً طالما ينجح في التغرير بالآخرين وإيهامهم بأنه يشعل النار من أجل الاستضاءة والدفء، فيما هو في الحقيقة يوقد حطب (الفتنة) ليحرق الجميع.