في سعيها لاجتثاث آفة الإرهاب من أرض الوطن وتطهيره من براثنها ، اعتمدت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – يحفظه الله - استراتيجية أمنية متكاملة أثبتت فاعليتها بشهادة العديد من خبراء الإرهاب في العالم ، وهو ما دفع العديد من تلك الدول المتقدمة والنامية على حد سواء إلى اتخاذها نموذجًا تحتذيه. نجاح تلك التجربة الرائدة التي اعتمدت المزاوجة بين الجهود الأمنية والجهود الفكرية لمواجهة أنصار الفكر الضال لا تتمثل فقط في سقوط جحور الإرهاب من أرجاء الوطن جحرًا بعد جحر ، وإنما أيضًا في اتصال معظم الهاربين الذين ينتمون لتنظيم القاعدة الإرهابي بالجهات الأمنية لتسهيل عودتهم للوطن ، وحيث كان المواطن جابر الفيفي المطلوب الأمني رقم 20 في قائمة ال 85 أحدثهم ، بعد أن سلم نفسه مؤخرًا بالتنسيق مع الجهات الأمنية في صنعاء وبما وجه ضربة موجعة أخرى للتنظيم الذي أصبح يلفظ أنفاسه الأخيرة في بلادنا بفضل رعاية الله أولاً لهذا البلد الأمين ثم بفضل حراس أمنه الساهرين على سلامته وسلامة المواطن والزائر والمقيم ، وعلى رأسهم سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز ومساعده للشؤون الأمنية سمو الأمير محمد بن نايف. ربما لاحظ البعض أن التجربة الأمنية السعودية تحقق لها هذا القدر الكبير من النجاح فقط بسبب الجمع بين الجهدين الأمني والفكري ، لكن المتتبع لتلك الجهود لابد وأن يلاحظ أن هنالك العديد من العوامل المساعدة التي أسهمت في تحقيق هذا النجاح ، يأتي في مقدمتها قيادة المليك المفدى لحركة الحوار الوطني إيمانًا منه بأن الحوار هو الوسيلة الصحيحة لاجتثاث الإرهاب من جذوره على المدى البعيد. عودة الفيفي إلى أرض الوطن توجه ضربة جديدة لتنظيم القاعدة ، ومؤشر على ازدياد عدد التائبين والنادمين على ماض عاشوه في بركة الضلال الآسنة التي سممت أفكارهم وأخرجتهم عن جادة الصواب. هذه العودة تؤكد أيضًا على أن أسلوب المناصحة الذي تأخذ به المملكة ضمن استراتجيتها الأمنية المتكاملة لمحاربة الإرهاب لا يزال يثبت فاعليته ويؤكد مجددًا على أن بلادنا تمضي قدما في تحقيق هدفها الاستراتيجي المتمثل في اجتثاث الإرهاب من تراب الوطن الطاهر.