لا أعتقد أن هناك شواهد حية على (الاستفزاز) أبلغ من السلوك الذي تنتهجه وزارة التربية والتعليم مع منسوبيها من المعلمين والمعلمات؛ لدرجة أن بعض المعلقين الظرفاء جعلوا من مصطلح (التربية) في مسمى الوزارة دلالةً على قيامها بتهذيب المعلم وتربيته و(تأديبه)، ومن مصطلح (التعليم) دلالةً على تعليمه الصبر والتحمل والاحتساب..! ما يثير الاستغراب في قرارات (التربية) أنها تصدر في الغالب بمنطق الإجبار والتعسف، ومع أنها تمس شريحة كبيرة من المعلمين والمعلمات فإنها لم يسبق أن شاورتهم في أيٍ منها، أو أجرت استفتاءً لمعرفة آرائهم، جبراً لخواطرهم على أقل تقدير، لكن الواقع المؤسف أنّ الوزارة تُصدر التعاميم والقرارات وليس على المعلم إلا التوقيع بالعلم ثم التنفيذ والإذعان، ومن لا يعجبه (التعميم) فليشرب من أقرب (برادة ماء) -إن وجدت- في مدرسته، ليصبح المعلم (أجيراً) في الواقع، لا(شريكاً) مهماً في المنظومة التربوية والتعليمية، سوى في (مهرجانات) التنظير، ومؤتمرات (الترزز) والفلاشات..! وأكاد أجزم أنّه لو قامت جهةٌ بحثية محايدة بعمل دراسةٍ مسحية شاملة؛ لقياس مدى (الرضا الوظيفي) لدى العاملين في قطاع التعليم لخرجت بنتائج (صادمة)؛ تكشف عن مستوى الإحباط والكآبة والقلق، جراء الشعور بالظلم والاضطهاد، بدءاً من التطبيق التعسفي للمادة (18أ) الخاصة بالسلم الوظيفي العام، مروراً بالتعاميم والقرارات المتناقضة، ووصولاً إلى القشة التي قصمت ظهر (المعلم)؛ بتقليص الإجازات (الجبرية) و(المؤرخة) سلفاً، في مخالفةٍ صريحة لنص (المادة الثالثة) من لائحة الإجازات، وكأن الوزارة لا هدف لها سوى التفنن في (التنكيد) والتنغيص على المعلمين والمعلمات..! ختاماً؛ أناشد وزارة التربية والتعليم أن ترفق بمنسوبيها (المساكين)، الذين سُلبت حقوقهم، وذهبت هيبتهم، حتى لم يعد مستغرباً أن يُقال: «لا يعيب فلان سوى أنّه معلم»..!