أبي يحاورني، ويطرح جميع الخيارات بين يدي، بعد تخرجي من الثانوية، طلب مني أن أختار وقتاً للجلوس معه لنتحاور حول اختيار التخصص في الجامعة فاخترت وقتاً طلب مني تأجيله لانشغاله، وحدّد موعداً آخر تقابلنا فيه، فقدّم لي في بداية لقائنا نصائح مضيئة وتجارب استفدت منها كثيراً، حول ضرورة اقتناعي واختياري لتخصصي بنفسي، اخترت تخصص علم النفس لولعي بهذا العلم، ولكن والدي فتح لي آفاقاً أخرى وجعلني في نهاية اللقاء أقتنع بتخصص دراسة الطب.اختياري لسيارتي الجديدة كان لوالدي الفضل الكبير فيه، حيث إنني كنت أعشق نوعاً من السيارات من النوع ال»سبورت» المتميّز بالسرعة، فأرشدني إلى اختيار النوع الاقتصادي الذي يناسب الطالب الجامعي. حتى في اختيار شريكة الحياة، حرص والدي على استشارتي وطلب مني أن أحدد البنت التي أرغب الارتباط بها، قال لي: هذا أخطر قرار في حياتك -يا بني- ويجب أن تفكر ملياً، وتختار بعناية زوجتك أم أبنائك، فلما ذكرت له الفتاة التي أتمنى الاقتران بها، نبهني إلى مساوئ تلك الزيجة ومن ضمنها الفارق الاجتماعي والاختلاف في العادات والثقافات بين الأسرتين، كانت والدتي تؤيده دائماً، فقد كان يغدق عليها بسخاء، اقتنعت برأي والدي، وبعد عدة اختيارات مني وجدت أبي يبارك إحداها. أعتقد أن والدي يطبق ديمقراطية سلطوية، تعتمد على تهيئتي لاختار الخيار الذي يريده هو، وربما تكون هذه، هي الديمقراطية الحديثة!.