كان يمشي الهوينى، حتى إذا وصل إلى مفترق طرق وقف حائراً! فسأل عابر سبيل: من أين أذهب؟ فأجابه: وأين تريد؟ قال: لا أدري! فأجابه: كل الطرق إذاً سواء. أليس هذا حال كثير من طلابنا الذين أنهوا الثانوية؟ لا يدرون ماذا يدرسون في مرحلتهم الجامعية؟ أليس كثيرون منا يوجههم معدلهم إلى التخصص؟ وهذا ليس بالأمر الجديد، فقد عدَّني كثيرون مجنوناً لأني كنت مقبولاً في الطب ودرست الهندسة. أما ولدي فنال من التسفيه أكثر من ذلك بكثير لأنه اختار بعد الثانوية العلمية، تخصصاً في العلوم الإنسانية! وكأن هذه العلوم لا تستحق أن يدرسها المتفوقون! وأشير إلى أن سن التكليف في الإسلام هو الخامسة عشرة، ومعظم الأنظمة الحديثة تعد سن الثامنة عشرة هي الدخول في عالم الكبار. وبالتالي فالذين أنهوا الثانوية مؤهلون لاختيار ما يريدون بعيداً عن تأثير الآخرين. وما أنصح به الطلاب والطالبات ألا يجعلوا درجاتهم هي التي توجههم، وألا يفكروا بالدخل المادي لخريج الكلية الفلانية ليكون معيارهم الوحيد في اختيار الكلية. فالذي يجب أن يوجهك إلى التخصص هو شخصيتك ومبادؤك واهتماماتك ومهاراتك! فمن لا يصبر على الناس لا يصلح أن يكون طبيباً ولا مدرساً بل أن يكون موجهاً لذوي الاحتياجات الخاصة، ومن يتصف بالإنصاف يصلح أن يكون قاضياً أو محامياً، ومن كانت المطالعة أولى اهتماماته يصلح أن يكون كاتباً، ومن يمتلك مهارة تحمل المسؤولية يصلح أن يكون مهندساً أو مديراً. وهذه ليست إلا مجرد أمثلة. ثم هل أنت معجب بشخصية ما وتحب أن تكون مثلها؟ كالأب أو الوالدة أو العم أو الخالة أو الوزير الفلاني أو الداعية فلانة... الخ؟ فإن كنت تمتلك المؤهلات المناسبة فقد تحب أن تتخصص مثله. لكن من أسوأ طرق الاختيار أن تختار التخصص الذي اختاره أصدقاؤك لتحافظ على صحبتك خلال الجامعة! وإني أنصح الجميع بقراءة معلومات عن التخصصات المتاحة في الجامعات، فلعل بعضهم لديه معلومات مشوشة عن بعض التخصصات، لاسيما الحديثة منها. ومن حدّد الجامعة التي يريدها فليبحث فيها، ومن كانت رغباته متعددة في أكثر من تخصص وأكثر من جامعة فهناك طريقة علمية لتحديد الاختصاص الأنسب تعتمد على وضع معايير للاختيار مع وضع وزن لكل معيار، ثم وضع وزن لكل اختصاص. ويوضع كل هذا في جدول. ويتم ضرب وزن كل معيار بوزن كل تخصص ويؤخذ مجموع حاصل الضرب لكل تخصص. والمجموع الأكبر يشير إلى التخصص المطلوب. هناك مواقع على الإنترنت تساعد في اختيار التخصص فلنبحث عنها تحت عبارات مثل "التوجيه الجامعي" أو "كيف تختار تخصصك الجامعي". وبعضها يقدم لك اختبارات ذاتية تكشف شخصيتك، وتُسمى اختبارات البروفايل. وإجاباتك عليها تقودك إلى الاختصاص الأنسب. وتقدم جامعة الملك عبد العزيز دورات عن هذا الاختبار تحلل شخصيتك وترشدك إلى التخصص الأفضل. كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز