يقول الخبر إن أحد ملاّك شركة بريطانية لطباعة أوراق العملة يخضع للمحاكمة بتهمة الرشوة التي قدّمها للمدير السابق للبنك الحكومي الفيتنامي لتسهيل حصول شركته على عقد بطباعة أوراق العملة الورقية لفيتنام. وكان رجل الأعمال البريطاني قد تكفّل حسب الاتهام بدفع الرسوم الدراسية وتكلفة السكن لابن مدير البنك أثناء دراسته في مدينة دورهام البريطانية، دافع رجل الأعمال عن نفسه بقوله إنه فقط أمّن قبولاً لابن مدير البنك وأن هذا العمل من أساليب الحصول على الأعمال في فيتنام. الحادثة ليست المرة الأولى التي يكون طرفاها دولة غربية مقابل دولة من العالم الثالث، الأولى تلاحق أنظمتها المرتشين والمفسدين والثانية تعجز أنظمتها عن حماية مالها العام من التلاعب والاستنزاف. والعذر الدائم للمتهمين أن ثقافة الفساد في الدول المستثمر فيها تجعل الرشاوى الضمان الوحيد لكسب الصفقات، ولو لم يفعلوا ذلك لذهبت إلى شركات غربية أخرى فيخسر بذلك اقتصادهم، بمعنى أنه لا بأس من التنازل عن قيم النزاهة والأمانة التي يتعاملون بها في بلدانهم للتأقلم مع قيم الفساد وأخلاقيات المفسدين في بلدان الاستثمار. المرتشي الفاسد في دول العالم الثالث لم يسئ إلى نفسه فقط بحصوله على المال بطرق غير مشروعة وخيانته لأمانة وظيفته ومهنته، بل أساء إلى وطنه وأبناء وطنه كافة بجعلهم يبدون أمام مجتمعات الدول المتقدّمة على أنهم مجتمعات غير متحضّرة، الفساد لديهم قاعدة، والأمانة والنزاهة والإخلاص قيمٌ ليس لهم فيها نصيب. والأدهى والأمر لو كان الفاسد مسلماً، لأنه يضيف دينه إلى قائمة من أساء لهم بفعله، فلن يصدّق الراشي الغربي أنّ دين المرتشي تكثر فيه نصوص تحريم الرشاوى والفساد.