ذهبت الأسبوع الماضي إلى أحد المستشفيات وأثناء انتظاري في الاستراحة لفت نظري احتكار إحدى السيدات للمقعد المجاور لها ووضع حقيبتها عليه رغم أن الخادمة المرافقة لها تقف بالقرب منها ويبدو عليها الإعياء، وقد شعرت بالاستياء لتصرف السيدة ولا مبالاتها وحاولت مع إحدى المراجعات تنبيهها بلطف إلى حاجة الخادمة للجلوس بدلاً من الوقوف بهذا الشكل وخاصة أن المقعد المجاور لها خالٍ ولكنها تجاهلت حديثنا وانشغلت بهاتفها المحمول غير عابئة بحالة الخادمة ولا بملامح الاشمئزاز التي تعلو وجوه بعض المراجعات. موقف السيدة المتعالي ورفضها لجلوس خادمتها بالقرب منها لايختلف عن مواقف كثيرين ممن يمارسون العنصرية بمختلف أشكالها ويتعاملون مع من حولهم سواء خدماً أو موظفين بعنجهية وغرور فلايرون غضاضة في الإساءة والتقليل من شأن من يختلف عنهم بلون البشرة أو الجنسية أو من هم أقل منهم مالا أو مركزا اجتماعيا فيمارسون ضدهم العنف اللفظي وربما الجسدي وقد لايشعرون في النهاية بتأنيب الضمير أو الندم على مواقفهم وتصرفاتهم الشائنة تجاه الآخرين إما بسبب تجارب سابقة مروا بها أو نتيجة للتنشئة الاجتماعية الخاطئة وغرس بعض المفاهيم حول تفوق عرق أو شعب بعينه والتي قد تنمي لدى بعض الأفراد والجماعات عقدة الفوقية والامتياز. والمجتمعات العربية كغيرها من المجتمعات تعاني من انتشار العنصرية والنظرة الدونية لبعض القوميات والجنسيات حتى إن هناك عنصرية بين العرب أنفسهم وهناك شعور متبادل بالتعالي والتفوق بين بعض الشعوب العربية وبدرجات متفاوتة بالإضافة إلى السلوكيات العنصرية مما أدى إلى التباعد بين مواطني هذه الدول وخلق الغل والحقد بينهم فالجهل المستبد بعقول الكثيرين والتعاطي الإعلامي السلبي مع الخلافات بين الدول أنتجا ثقافة الكراهية والعنصرية بين الإخوة.