في بدايات عملي الصحفي أول شريحة تعاملت معي بأسلوب متعال وبفوقية رغم المؤهلات العلمية والهيلمان الثقافي الذي يحيط بهن، شريحة السيدات الفاضلات الأكاديميات، ومن يحملن حرف الدال (لا أعمم)! في مناسبة جمعت حشدا من الإعلاميات والأكاديميات تحت قبة «برنامج إنمائي»، لفت انتباهي منع الصحافيات من دخول ورشة عمل متخصصة في الإعلام! وعرفت أن بعض الأكاديميات يرفضن ذلك ويرين الصحفيات (ما لهم أمان!!) قررت قيادة انقلاب صغير وتداخلت محتجة على مفارقة إقامة الورشة بدون صحافيات! بعدها سمح بتواجدنا في الورشة، وتلى ذلك مشادة كلامية بين سيدتين تحملان حرف الدال وصحافيات على ما فهمت أن إحداهن ارتكبت خطأ استحقت بموجبه التقريع واللوم وتوقعت أنها ستصفع لسخونة الحوار الذي انتهى بصعوبة بالغة! في مناسبات أخرى تكرر المشهد المتوتر، وفي جلسات عادية على هامش بعض المؤتمرات تقال فيها أحاديث عبارة عن «طق حنك» تشهق إحداهن عندما تتذكر أنها تتحدث مع صحافية وتؤكد أن ما ذكرته (وهو كلام عادي للغاية) لا يصلح للنشر! وأخيرا تناولت إحداهن أوضاع حاملات الدال المزرية وكيف أن إعلامية وصلت إلى الجبهة الجنوبية أثناء أحداث الجنوب وتم تمكينها من ذلك فيما تكابد الأكاديميات على عدة أصعدة، شعرت أنه خانها الاستشهاد وبدى لي وكأنها إشارة تحقير، ناقشتها بهدوء ولاحظت بالحوار أن حدة الكلمات تغيرت وبريق نظرة التعالي خفتت وشكرت لها تواضعها والحوار الذي له عظيم الأثر في تجسير هذه الفجوة الواضحة جدا وتتداعى منذ أعوام بين الإعلاميات والمجتمع بشكل عام. فلاشات - ليس موقفا متعقلا أن يصل الأمر إلى التعميم وتكريس نظرة دونية تشمل الإعلامية المتميزة و(المتصيحفة التي يجلب لنا وجودها في الوسط الإعلامي صداعا مهنيا مزمنا) ووضع الجميع في سلة واحدة يتناقض مع فكرة النخبوية التي تشعر بها الأكاديميات، هذا إن كان حمل حرف الدال يعني التميز! - همسة لزميلات المشوار المهني العصيب: بعد إجراء استطلاع عام فهمت أن جذر أزمة الاحتقان ناتج عن بعض الأخطاء الواردة في معلومات الأخبار الصحفية، والإعلامية واجهة حضارية للمجتمع وللوسط الإعلامي خاصة، يؤسفني تعميم أخطائها على الجميع بالتالي نحتاج نضجا ومهنية في التعامل مع النشر الصحفي حتى لا يدفع جميعنا الثمن وتتعمق هذه النظرة الدونية للإعلاميات والبادية بوضوح في غالبية أساليب التعامل معنا. - مفارقة: من تدعي أنها صحفية سابقة وفي طريقها لحمل حرف الدال تمارس نفس الممارسات الفوقية على الزميلات! لماذا غالبية من يحسبون على المجتمع الأكاديمي لا يزيدهم العلم تواضعاً (لا أعمم)..؟! - سؤال للمناقشة: المتكبر على الناس ماذا يميزه وعلى أي المعايير يقدر أنه الأفضل منهم، ولماذا يعبر عن موقفه بالغرور؟! [email protected]