تجاوز الشاب محمد داود الشمري -36 عاما- نظرة المجتمع، بكل قوة وثبات من خلال امتهانه الميكانيكا، حتى باتت ورشته الصغيرة في صناعية حفر الباطن مقصدا لزبائن منحوه ثقتهم باعتباره مواطنا مكافحا، رغم بيروقراطية بنك التسليف.أبو داوود، شاب مثقف هادئ يبتسم دوما، وكأنه يقول: إن الحياة لا تستحق الضيق، فمبدؤه العيش بسلامة وصحة معها القناعة!! وأصبح بإمكان أبو داوود فك وتركيب وإصلاح السيارات الصغيرة بشتى أنواعها، و لم تأت هذه القدرة من دراسة بل من الممارسة، ومساعدته في إصلاح السيارات بإحدى الورش التي كان يعمل بها كمحاسب، فأحب هذه المهنة وتعرف على أسرارها وسبل النجاح فيها، وبعد عامين من الدخول في هذه المهنة افتتح ورشته الخاصة. ورشة بدون باب كانت بداية العمل كما يقول الشمري «استأجرت ورشة متواضعة مع عدة بسيطة أحملها إلى البيت كل يوم لخوفي من سرقتها بسبب عدم وجود باب للورشة. بدأت العمل بورشتي و كونت عملائي الذين شجعوني، على مواصلة مهنتي بفخر واعتزاز، وكنت أستقطع من دخل الورشة لإكمال نواقصها. ويكمل «تظل اجتهاداتي الخاصة المتمثلة في شراء مستلزمات الورشة القليلة الثمن، وبعض المستلزمات أقوم بتفصيلها يدوياَ، وتهيئتها بجهود ذاتية، لتصبح بصورة مغايرة، ليتم استخدامها بالشكل الذي أريده بسبب غلاء سعرها بالسوق». العودة للصفر وأضاف بعد مرور ثماني سنوات، عدنا للصناعية، ما يعني الرجوع لنقطة البداية، ولكن مع توافر بعض الإمكانيات استأجرت ورشة، وبعد سنة تم إخراجي منها لجلب صاحب الورشة عمالة وافدة، يريد تشغيلها على حد زعمه، فرضخت واستأجرت ورشة أخرى. دورة الكلية التقنية ويكمل الشمري بعد فترة عمل بالورشة بصيانة السيارات التابعة لقسم الميكانيكا بالكلية التقنية لتدريب الطلاب عليها، فوجئت بطلب عميد الكلية التقنية لي، وعند ذهابي له أخبرني بترشيحي من قبله لتدريبنا بالكلية التقنية لعمل دراسة جدوى اقتصادية للمشاريع الصغيرة، فانضممت لها. بيروقراطية بنك التسليف ويضيف الشمري بعد انتهاء الدورة، تم تحويلنا لبنك التسليف للبدء في إجراءات الحصول على قرض، حيث كانت الشروط قاسية وتعجيزية لمن هم مثلي، وبعد معاناة مع الموظفين، حيث كان البعض منهم يستغل حاجتنا ويطلب منا أشياء خارجة عما أتينا من أجله، مثل إصلاح سيارته الخاصة، وكنا نرضخ لذلك ليتم إنهاء أوراقنا، وبعد مرور شهرين، تم استكمال الأوراق المطلوبة وبعد سنة تقريباً تم صرف القرض واستكمال مستلزمات الورشة. منافسة غير شريفة وأشار أبو داوود أن عمالة وافدة حاولت إغراء صاحب الورشة التي أستأجرها بزيادة مادية مقابل إخراجي من الورشة وتأجيرها لهم ولكن شهامة الرجل منعته.ويتطلع أبو داوود إلى قطعة أرض في الصناعية، وورشة إصلاح سيارات مناسبة لممارسة مهنته، وكسب مصدر رزق حلال، ليتمكن من إعالة أسرته وبناء مستقبلهم، لا سيما أن مجال العمل في هذه المهنة خصب ومثمر، وذو عائد مادي جيد، إلا أن عدم القدرة المالية له تحول دون تحقيق هذا الحلم، الذي يراوده منذ دخوله هذه المهنة.