تجدهم وجباههم تتصبب عرقا يستطعمونه بلذة. إنهم شباب في منطقة عسير، رأوا أن العمل المهني أجدى من وظيفة في قطاع حكومي. صحيح أنهم جوبهوا بموجات رفض يصعب الصمود أمامها، إلا أنهم قابلوها بقوة ففشلت ريح الرافضين وذهبت أمام صدق التجربة. لم تثن أصوات العيب الشباب من المضي في الطريق لأن من صم أذنيه عن بواعث الإحباط يجيد تماما رمي المخلفات. في أبها هذه الأيام يمكن أن تشاهد سعوديين يعملون في مهن الميكانيكا، السمكرة، الكهرباء، والالكترونيات. لم يتردد علي يحيى علي شعبان الحاصل على إجازة في ميكانيكا السيارات من الانخراط في هذا المجال، وافتتح ورشة خاصة له في صناعية أبها منذ قرابة الثماني سنوات وعمل بنفسه في هذه المهنة حتى توسع نشاطه. يقول علي «لم ألق بالا لبعض النعرات التي تعيب العمل في مثل هذه المهن الشريفة وعلى العكس تماما وجد تجاوبا وإقبالا من قبل المواطنين». وعن تكلفة ورشته وعن الدعم الذي وجده من قبل المؤسسة العامة للتعليم المنهي والموارد البشرية أو أية جهة أخرى بين شعبان بأنه فتح ورشته في البداية على حسابه الخاص وبمساندة من والده الذي دعم مشروعه بمبلغ 300 آلاف ريال وحصل على قرض تشجيعي من قبل برنامج عبد اللطيف جميل بمبلغ وقدره 100ألف ريال. يؤكد علي أن مهنته تدر الكثير من الأرباح معتبرا الثقة التي يبديها الزبائن كفيلة بالمضي قدما في طريق المهنة. أما عارف أحمد عسيري الذي يعمل فني فحص وبرمجة سيارات في إحدى الشركات المتخصصة في صيانة السيارات والكشف عن الأعطال بالكمبيوتر فيتقاضى مرتبا شهريا قدره 1800ريال ويعمل على فترتين جميع أيام الأسبوع. يقول عسيري «تقدمت بعدة طلبات لصندوق الموادر البشرية ولكن دون جدوى إذ طوقتني بشروط تعجيزية ومملة ربما تكون عائقا أمام العديد من الشباب على الإقبال على المشاريع الصغيرة والالتحاق بالعمل في القطاع الخاص». يصف عسيري معوقات العمل المهني في الشركات المتخصصة قائلا «لايوجد تأمين صحي أو اشتراك في التأمينات الاجتماعية أو زيادة وهيكلة سنوية معروفة كما هو المعمول به في النظام الحكومي الذي هو يجد إقبالا كبيرا من الجميع لأن فيه ضمانا وظيفيا وحقوقيا».. وفي مجال آخر من العمل في مهنة (كاشير ) تحدث العاملون محمد هادي دكاس، علي حسن محمد، وسليمان محمد قاسم عن إقبالهم على هذه المهن في العديد من الأسواق التجارية الكبيرة في المنطقة وأصبحوا ينافسون عليها زملاء لهم في نفس المهنة من المقيمين ووجدوا في هذه المهن عدة مضايقات من قبل مديرين لهم من جنسيات عربية مختلفة ولكنهم تغلبوا عليها لوجود نظام يحميهم مثل نظام التأمين الاجتماعي والصحي ونظام مكتب العمل. ويختلف في ذلك معهم حسين علي الذي يعمل لدى إحدى الشركات التجارية الكبرى منذ قرابة سبع سنوات ويتقاضى راتبا قدره 2500 ريال ويأخذ دعما من صندوق الموارد البشرية بمقدار 500 ريال «الراتب غير مجز كوني رب أسرة ومصاريف الحياة اليومية مرتفعة جدا وكل يوم في ازدياد». أما سعد الحازمي موظف تأمين في شركة للسيارات في محافظة خميس مشيط فيرى أنه يواجه ضغوطا ومضايقات عدة من مديره المقيم لتطفيشه من العمل وترك هذا المجال لأبناء جلدته. وسانده الرأي عاطف محمد علي القحطاني وهو يعمل في شركة لبيع قطع الغيار وفحص السيارات الكترونيا في أن القطاع الخاص وخاصة في شركات السيارات يواجه الشاب السعودي عدة عقبات منها ساعات الدوام الطويلة وإجحاف العقود المبرمة مع صاحب العمل المسيرة كلها لصالحه «نحن نعمل في هذه الشركات بشكل مؤقت ومتى ما استغنينا أو وجدنا فرصة حكومية أفضل تركنا هذا العمل للأجانب، يوظفون من يشاؤون من أبناء جلدتهم وهو المعمول به في كافة الشركات وخاصة العمالة في مجال السيارات يأتي الموظف المقيم ويتلاحق أقاربه عن طريقه في العمل بتلك الشركة أو المؤسسة».