نحاول ونجتهد ثم نعيد ونكرر نحرص ونكابد ونجاهد ونعمل ليل نهار، نتعب ونرهق الأعصاب نتألم ونعاني ونصبر ونحتسب ذلك أجراً من عند الله. قد تتحطم العزيمة وينفد رصيد الصبر فتصل الأخلاق والأعصاب والأمزجة لطريق مسدود له بداية ونهايته تنتهي بنهاية حياة الإنسان، وقد نستجمع القوة ونعيد ترتيب أوراقها المكشوفة ونقذفها بين أحضان الأمل المتجدد المشرق السعيد فنكون أو لا نكون، البعض منا يرضى بالنصيب ويؤمن بالقدر ويقنع بالقليل ويرفض الكثير الذي لا يأتي إلا بعد ومن خلال وعبر طرق ملتوية متعرجة ضيقة محفوفة بالمخاطر ومحاطة بالأزمات المتجددة والبعض يستمر في معاندة الحظ ومخالفة النصيب فيقوم مرة واحدة ويسقط مئات المرات ولا يستفيد من عثرات الماضي ويكتشف في نهاية طريقه أنه قد سلك وسار ومشى ووصل لطريق مسدود فتداهمه الأوجاع والأمراض والأزمات النفسية من أوسع أبواب حياته وتكون نهايته الحقيقية المؤكدة هي الجنون. القناعة كنز لا يفنى، من جعل وسخر وأسس لنفسه قناعة متزنة ودائمة وطبيعية ومثالية ليجعلها هدفه الدائم لجميع مشروعات ومطالب وخطط وتجارب حياته فهو الإنسان المحظوظ الذي سوف يعيش سعيداً ويموت سعيداً وهو الذي سخرها لخدمة حالته النفسية والمزاجية والمثالية والطبيعية يقتنع بالحظ ويعترف بالنصيب ويؤمن بالقدر خيره وشره ويرضى بكل ما رزقه الله وأعطاه بدون تضجر ولا ملامة وتأنيب ضمير ولا أف يجرح حكمة الخلق والوجود. ما أكثر تلك العينات المريضة المنتشرة داخل مجتمعنا المسلم المحافظ والتي لا تمتلك أي نوع أو أي صفة أو أي طبيعة من أنواع وصفات وطباع القناعة المطلوبة على الرغم من أن بعض الأشخاص قد أعطاهم الله من خيره الشيء الكثير وقد رزقهم ومنحهم الخيرات التي لها بداية ولا نهاية لها والتي معهم وليست تتوفر مع غيرهم ورغم ذلك نجد أعينهم تتجه للذي يمتلكه الآخرون وتفكيرهم ينصب على تمني زول تلك النعمة وانحسارها وتفتتها ورحيلها من بين الأيادي واقتصارها عليهم فقط فهم يمتلكون الأموال والسيارات والبيوت والمنازل والأرصدة ويمتلكون كل مقومات الحياة الكريمة السعيدة الآمنة المطمئنة ورغم ذلك يعيشون في عالم آخر من القهر والغبن والوحدة المرضية التي تأجج علاقاتهم مع أسوياء المجتمع وتجعلهم علامة فارقة تتميز بالحسد والغدر والشر والأمنيات والتطلعات المنحرفة التي تعجل رحيلهم وتبكر زوال سعادتهم.