لن أستغرب لو قيل لي إن السعوديين أكثر شعوب الأرض قاطبة حباً للسهر. ولا أستطيع أن أفهم سر تعلق السعوديين بالليل. لا تقل لي إنه الجو الحار حيث يجدون في الليل ملاذاً. فهم يسهرون الليالي حتى في عز البرد ويتدثرون بأغلظ البطانيات شتاءً وأعينهم لا تغادر شاشة التليفزيون حتى شروق الشمس. ولو كانت حرارة الجو مبرراً للسهر فلماذا لا يسهر بقية الخليجيين كما يسهر السعوديون؟ الآن توافد السياح السعوديون لقضاء إجازة العيد في دبي فاستقبلتهم دبي بما يعشقون: السهر! وهي خطوة عملية حيث نتناوب، نحن أهل دبي، مع الزوار السعوديين الحركة في دبي: النهار لنا والليل لكم! دبي قررت فتح أسواقها أمام السائح السعودي ليلاً. والفضل في هذا القرار يعود للزائر السعودي الذي كان يتجول طيلة الليل في «الممشى» ويلفلف بسيارته ذهاباَ وإياباً على شوارع الجميرة والوصل وغيرهما في ديرة والشارقة. أدركت دبي هوس السعوديين بالليل ففتحت لهم أسواقها طيلة الليل فكفتنا شر زحام الطرق في «السيرة والردة» من وإلى مكاتبنا نهاراً. غير أن أكثر ما أخشاه هذه الأيام أن يتصل بي زائر سعودي ليعرض عليّ فنجان قهوة في (دبي مول) بعد منتصف الليل. كيف أقنعه أننا في دبي قليلاً ما نخرج من بيوتنا بعد منتصف الليل وأننا – مثل بقية شعوب الله – نستيقظ مبكراً كي نذهب مبكراً إلى مكاتبنا؟ وكيف أشرح له أن «الشيخ» الذي أصدر أوامر فتح الأسواق 24 ساعة هو نفسه الذي أسس لنظام إداري صارم يحاسب ويحفز كل موظف في دبي على الذهاب للدوام مع أو قبل شروق الشمس؟ أيها الزائر الكريم: اهنأ بليلك ودعني أعمل في نهاري!