أعلن رئيس المجلس الوطني التأسيسي في تونس، مصطفى بن جعفر، أن النواب سيناقشون الصيغة الأولى من الدستور الجديد، لكنها لن تتناول مشروع الإسلاميين الأساسي المتمثل في إدراج تجريم التعدي على المقدسات فيه. وقال بن جعفر، الذي يعتبر حزبه «التكتل» (وسط اليسار) حليفَ حركةِ النهضة الإسلامية: «من المؤكد أنه لن يكون هناك تجريم للتعدي على المقدسات». وأضاف «وهذا ليس لأننا موافقون على التعدي على المقدسات بل لأنه من الصعب جدا تحديد المقدسات». ووضعت حركة النهضة هذا المبدأ في صلب برنامجها السياسي، مثيرةً ضجة في المجتمع المدني، الذي اعتبر أن هذا الأمر سيفتح المجال أمام انتهاك حرية التعبير.ويرى بن جعفر، أن أكبر نقطةٍ للخلاف هي مسألة طبيعة النظام السياسي المقبل، فالإسلاميون يلحّون على أن يكون برلمانيا بينما تطالب الأحزاب الأخرى بنظام يمنح رئيس الدولة صلاحيات مهمة. وقال بن جعفر: «أملي كبير في أن نتوصل إلى حل وسط»، مذكِّراً بأن النهضة تخلت عن المطالبة بمرجعية الشريعة في القانون الأساسي. وبالتالي فإن مناقشة أول صيغةٍ من الدستور التونسي الجديد ستجري في المجلس التأسيسي في نوفمبر، وذلك في جلسة عامة، على أن يناقشها النواب بندا بندا اعتبارا من ديسمبر ويناير. وأضاف بن جعفر (72 سنة): «أظن أنه من المعقول أن تجري الانتخابات قبل صيف 2013» في حين ما زال موعد المصادقة على القانون الأساسي والجدول الزمني للانتخابات موضعا لكل التكهنات. والتزم 11 حزبا بصياغة الدستور في ظرف سنة اعتبارا من انتخاب المجلس الوطني التأسيسي في ال23 من أكتوبر 2011، وبالتالي اعتبر قسمٌ من المعارضة أن الحكومة والمجلس سيفقدان شرعيتهما بعد تلك المهلة. لكن بن جعفر، رفض ذلك التأويل وقال: «إن بعض الأحزاب التزمت باحترام مهلة السنة لكنها مهلة تحريضية أكثر من كونها تقييدية». وتابع بإلحاح: «إن المجلس سيادي تماما فيما يخص تحديد وتيرة عمله وأهدافه»، مضيفا أن القيود الوحيدة هي الالتزام «سياسيا وأخلاقيا» بإنجاز الوثيقة بسرعة. كذلك وعد رئيس المجلس التأسيسي بالتفاوض حول «حل وسط» لتحديد الجدول الزمني «في المجلس وخارجه» طالبا بأن لا «يطعن أحد في شرعية المجلس الوطني التأسيسي» في إشارة إلى حزب «نداء تونس» المعارض الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي. ووعد رئيس الوزراء الإسلامي حمادي الجبالي، بأن يعلن في ال18 من أكتوبر جدولا زمنيا جديدا للمصادقة على الدستور وموعد الانتخابات المقبلة.وردا على الانتقادات الموجّهة إلى الانحراف السلطوي والفشل على صعيد الجبهة الاجتماعية الاقتصادية التي كانت من أهم أهداف ثورة 2011، أقر بن جعفر، بارتكاب الحكومة بعض «الأخطاء».وقال: «إنها حكومة يفتقر بعض مسؤوليها إلى الخبرة، فارتكبوا أخطاءً، وهناك نجاحات وكذلك إخفاقات»، ذاكرا في الفئة الثانية، قضية المرأة التي اغتصبها عناصر من الشرطة بينما حاكمها القضاء بتهمة خدش الحياء، وتابع «هنا ارتُكِبَ خطأ» معرباً عن الأسف من خلط «لا يقبل».وإضافة إلى ذلك «لم تُبدِ الحكومة ما يكفي من الصرامة» في وجه السلفيين المسؤولين عن أعمال العنف التي «لطخت سمعة تونس» بهجومهم على السفارة الأمريكية في منتصف سبتمبر، كما أقر رئيس المجلس التأسيسي.وأضاف:»لكن تلك المجموعات لا تشكّل خطرا كبيرا على مستقبل الديمقراطية»، مؤكدا أن الخطر الحقيقي يتمثل في «العودة إلى نظام الدكتاتورية».وفي سياق تبرير تحالفه مع الإسلاميين، أقر بن جعفر بأنه «خيار صعب» في مصلحة الأمة، لكنه «لم يلق فهما كافيا» حتى في صفوف حزبه الذي استقال منه عشرون نائبا.