تدشن تونس الثلاثاء صفحة جديدة من تاريخها السياسي ومسيرتها الديموقراطية، مع افتتاح جلسات المجلس الوطني التأسيسي المنبثق من اول انتخابات حرة نظمت في 23 اكتوبر والمتمثلة مهمته الاساسية في وضع دستور جديد للبلاد ولكن ايضا تحديد والاشراف على السلطتين التنفيذية والتشريعية. وقال احمد المستيري المعارض التاريخي للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والشخصية السياسية المعروفة من زمن النضال من اجل استقلال تونس عن فرنسا في 1956، في معرض تعليقه على حدث انعقاد المجلس التأسيسي ان "هذا الحدث يمثل استقلالا ثانيا لتونس". واضاف المستيري الذي عارض بورقيبة وبن علي "انه يرمز الى قطيعة مع النظام القديم وارساء نظام شرعي". وتتمثل المهمة الاساسية للمجلس الوطني التأسيسي، المكون من 217 عضوا ويهيمن عليه تحالف ثلاثي مكون من حزب النهضة الاسلامي "89" مقعدا وشريكيه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية "29 مقعدا- يسار قومي" وحزب التكتل من أجل العمل والحريات "20 مقعدا- وسط يسار"، في وضع دستور "الجمهورية الثانية" في تاريخ تونس منذ استقلالها في 1956 ليحل محل دستور 1959. غير ان من مهام المجلس الوطني التأسيسي ايضا باعتباره تجسيدا للشرعية واعلى سلطة في البلاد، تولي التشريع وتحديد والاشراف على السلطات التنفيذية حتى تنظيم انتخابات جديدة في ضوء فصول الدستور الجديد. وحصل اتفاق مبدئي بين الاحزاب الرئيسية الثلاثة في المجلس نهاية الاسبوع الماضي بشأن توزيع الرئاسات الثلاث (رئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة)، غير ان الامر لا يزال يحتاج الى تصديق المجلس الوطني التأسيسي. وبحسب هذا الاتفاق سيتولى مصطفى بن جعفر زعيم التكتل رئاسة المجلس التأسيسي ومنصف المرزوقي زعيم المؤتمر رئاسة الجمهورية وحمادي الجبالي الامين العام لحزب النهضة رئاسة الحكومة المقبلة. وتنطلق الجلسة برئاسة رئيس السن بمساعدة اصغر الاعضاء سنا ويتم في بدايتها اختيار رئيس المجلس "بن جعفر مبدئيا" ونائبيه لتنطلق اثر ذلك فعليا جلسة المجلس بالاتفاق على النظام الداخلي لعمل المجلس ثم تنظيم السلط خلال المرحلة الانتقالية الجديدة. وتعتمد سرعة انجاز الوثيقتين على مدى التوافق بين الاغلبية في المجلس. كما يعين المجلس التأسيسي رئيسا مؤقتا جديدا "منصف المرزوقي مبدئيا" خلفا للرئيس الحالي فؤاد المبزع. وبعدها، يكلف الرئيس الجديد من تتفق عليه الغالبية في المجلس "حمادي الجبالي مبدئيا" تشكيل حكومة جديدة للمرحلة الانتقالية الثانية منذ الاطاحة بنظام بن علي. ومن بين ابرز القضايا التي سيتناولها المجلس الوطني التأسيسي طبيعة النظام الجديد في تونس وصلاحيات سلطاته المختلفة. وتطرح بعض القوى تبني النظام البرلماني وقوى أخرى النظام الرئاسي المعدل او نظام مختلط.