حين يستيقظ أحدنا من النوم أول شيء يستوعبه أنه هو هو أي الشعور بالذات. ثم إحداثيات الزمان والمكان والمادة والأبعاد. إنه يعرف في أي يوم هو وفي أي وقت.. صباحا، ظهرا أم مساء. يعرف نفسه أنه كما هو لم يتبدل فليس من صداع ولا دوار ولا إعياء. ثم يعرف أنه في بيته أو في المكان الجديد من نزل وفندق وبيت صديق أو نزيل معتقل في النظام البعثي إذا قاده حظه العاثر أن يكون في مظلة البعث التعيسة. هذه الأمور هي مسلمات ولكنها في حقيقتها معضلات يشتغل عليها علم النفس الحديث لمعرفة ما هو الوعي تحديداً؟ وكيف يشتغل الدماغ كوحدة متكاملة مع أنه موزع إلى جغرافيا مذهلة بين مناطق بصر في القفا وسمع وحس في الصدغ وشخصية وتقدير في الأمام وحركة في الجانب وشم في بصلة أمامية فضلا عن مئات المواضع الحساسة للتنفس والضغط والبلع والجنس والتغوط ودقات القلب وسريان النفس وسيالة العصبية وتوتر العضلات؟ لقد تم رصد مجموعة من الملاحظات الطريفة حول عمل الوعي وكيفية عمله: لقد لوحظ أولاً: أن إمكانية الاستيعاب في الوعي محدودة، فبإمكان الوعي أن يلتقط سبع وحدات من المعلومات في الوقت الواحد لا تزيد. ثانياً: يعمل الوعي ببطء شديد إذا قورن مع أجهزة الكمبيوتر، فلا يستطيع التمييز بين أكثر من أربعين حدثاً في الثانية الواحدة. في حين أن أجهزة الكمبيوتر العادية تعمل بطاقة تزيد على هذا بملايين المرات في كمية المعلومات. فالوعي مقارنة بالكمبيوتر يبدو جهازاً سخيفاً، ولكن هل هو كذلك؟ ثالثاً: مع كل تركيز الوعي فإن الدماغ لا يشتغل بكل طاقته، بل يستخدم في المتوسط فقط 1% من خلاياه العصبية. لماذا يا ترى؟ رابعاً: يعمل الوعي ببلادة وتراخٍ لافت للنظر، فهو يعرج خلف الزمن لاهثاً متصبباً عرقاً بدون قدرة اللحاق به. إنه خلف الزمن دوماً بحوالي ثلث الثانية. وهذا يدخلنا إلى أبحاث عالم النفس الأمريكي (برايان تريسي) الذي لفت النظر إلى كيفية عمل العقل الإنساني، في كتابه (أسس علم نفس النجاح). وحسب نظرية (برايان تريسي) في كيفية عمل الدماغ فهو يرى أن أفضل ما يكون عمل العقل عندما يكون مرتخياً؛ فالمسمار حتى يقتحم صلابة الجدار يجب أن تضربه بالمطرقة بقوة وتوجيه في حين أن الدماغ لا يعمل بنفس الطريقة؛ فعند الانفعال يهتز عمله، وخير الأوساط لعمل الدماغ الإنساني هي أن يعمل بهدوء وحب.