الرياض – محمد الغامدي جامعاتنا لا تهتم بهذا التخصص والدورات في المعاهد بسيطة. يصعب تغيير النظرة السائدة تجاه المُسعفين.. وأملنا في الجيل الجديد. أقر رئيس اللجنة الدائمة للإعلام والتوعية والتطوير في هيئة الهلال الأحمر السعودي الأمير فهد بن مشاري بن عبدالعزيز بأن هناك نقصاً في رجال الإسعاف، وأن هيئة الهلال الأحمر لم تغطِ سوى 50% من المسعفين على مستوى المملكة. وأوضح في حوار مع «الشرق» أن المجتمع يحتاج إلى توعية وأن الجيل الحالي يصعب تغييره ولكن الحملة التوعوية المزمع انطلاقها مع بداية السنة الجديدة ستستهدف الأطفال في المدارس لبناء جيل واعٍ ويستوعب ما يقدمه رجال الإسعاف. واعترف أيضاً أن بعض سيارات الإسعاف متهالكة وقديمة كاشفاً أن رجال الأعمال غير متعاونين مع الهلال ولم يقدموا ما يشفع لهم أو ما يذكر من باب المسؤولية الإجتماعية. وبين أن الجامعات لا تهتم إطلاقاً بتخصص مسعف، وإلى الآن كل من ينضم إلى رجال الهلال هم ممن يحصلون على دورات من معاهد لا تقدم الكثير مما يجبر الهيئة إلى إعادة تدريبهم ومن ثم تأهيلهم للعمل الميداني. * هناك شكوى مستمرة من نقص رجال الإسعاف.. فكيف تحلون هذه الإشكالية؟ - لا نختلف على هذا الشيء، ونحن نعترف به اعترافاً كاملاً، وسبق أن صرح سمو سيدي الأمير فيصل بن عبدالله أنه إلى الآن لم نغطِ سوى 50% على مستوى المملكة. ونحن نعاني من وجود المسعفين الثقة، فعملنا ليس بالبساطة التي يتصورها البعض ويحتاج إلى دقة، ويجب أن يكون المسعف ذو خلق عالٍ؛ حيث إنه سيدخل على بيوت وعلى محارم.. ونفس التخصص ليس متوفراً بالشكل الذي نصبو إليه، فالمستويان إلى الآن أقل من طموحنا، فهذه روح ولا يوجد فيها مجاملات، وتوجيه الأمير فيصل دوما باختيار الأفضل ممن يستطيعون الوجود في الحدث ولا يأتي منهم أخطاء، ولا يأتي منهم أي ردة فعل غير متوقعة أو مسؤولة، والوصول إلى هذا المستوى صعب جداً. * هل في الكليات الصحية أو أقسام الجامعات تخصصات للمسعفين؟ -لا.. أغلب ما يقدم الآن هو دورات في الإسعاف وليس هناك تخصص. * ألا يوجد أي جامعة تهتم بشكل أكاديمي بهذا التخصص؟ -الأكاديمية في جامعة الأمير نايف، وسمو الأمير فيصل وقّع الآن مع جامعة الملك عبدالعزيز للتوجه نحو الأكاديمية، وهناك بعض الجامعات وبعض المعاهد المعتمدة التي من الممكن أن تخرج مسعفاً ممتازاً. رغم أن معظم هذه المعاهد تقدم دورات بسيطة أو حتى ليست بالمؤهلة لأن يقوم بهذا الدور على أكمل وجه. * أنتم تقيمون دورات فما هي النتائج التي تحققت في هذا الإطار؟ -هناك دورات متخصصة نقيمها وهي تخرج أعداداً مؤهلة بشكل مميز، والملموس في هؤلاء المتدربين أن بعضهم يأتي من المعاهد التي تحدثت عنها سابقاً ولكنه غير مؤهل وليس في المستوى المطلوب، والمسألة هنا في تأهيل مثل هؤلاء ليست مجرد محاضرة تلقيها عليهم ونظريات تسعى إلى تطبيقها، إذ إنه لا بد من العمل والتطبيق، فالتطبيق هو المهم في مثل هذه الدورات، وبالتالي فإننا نضطر إلى تدريبه من جديد. * وماذا عن الدورات المجانية للمواطنين؟ وهل اكتشفتم من هؤلاء الذين تدربونهم من هو مؤهلاً للعمل معكم بشكل دائم؟ - لا. لم نصل إلى هذه المرحلة، ولكن نتمنى أن يكون في كل بيت مسعفاً، وفي الخطط الإعلامية أو التوعوية القادمة نسعى إلى المدارس، والمستهدف فيها هم الأطفال؛ فالطفل سيعلم الأب ويعلم الأم وهو اللبنة التي يبنى عليها المستقبل. والتطبيق ليس سهلاً وهو يحتاج إلى وقت وإلى أكاديميين ومتخصصين كي نستطيع الوصول إلى الهدف المرجو منها. ونحن نواجه صعوبات كثيرة.. ولكن سيرة الهلال الأحمر في السنوات الأخيرة أصبحت جيدة، وهناك نقلة نوعية الكل يشيد بها. * ما الذي تحتاجونه في هذه المرحلة من البناء؟ - نحتاج إلى الوقت وإلى الدعم، وإلى أن يعرف المجتمع من نحن وما هذه المنشأة المسماة ب «الهلال الأحمر»؟ * وهل هناك معاناة تواجهكم أو تواجه المسعفين من المجتمع؟ نعاني من التحفظات في المجتمع، في الشوارع نعاني من التجمهر وقت الحوادث، وتعطيل مرور الإسعاف. نعاني الكثير. * كيف تواجهون تحفظ المجتمع تجاه دخول المسعف للبيت لإنقاذ إمرأة مثلاً؟ -أنْ تغير نظرة مجتمع وأنْ تبدأ بعمر كبير صعب جداً، فمن تجاوزت أعمارهم الثلاثين مثلاً صعب أن نقنعهم وأن نغير فيهم هذا، ولهذا نحن نبدأ في الجيل الجديد الذي نظرته متفتحة نوعاً ما، ولا نقول متفتحة يعني إباحية أو غيرها من المرادفات، متفتحة تعني أن هذا مسعفاً وُضع للمساعدة، ولو قلنا إن عجوزاً على شفا الموت أو مكسورة أو مجروحة أو غارقة أو ما شئت من الحالات التي تمر على رجال الإسعاف.. ما هي النفسية التي ستجعل المسعف ينظر إلى أن هذه أنثى أو ذكر، فالمسعف سيتعامل مع حالة إنسانية بغض النظر عمن تكون.. ولكن أن أُغيّر نظرة مجتمع تجاه المسعف الآن صعب جداً. * وماذا عن المدارس وتوجهكم لها ألا يغير شيئا؟ - نسبة كبيرة من السعوديين أعمارهم أقل من عشرين سنة، وهم الآن الهدف، وهم المستقبل، وجنود المستقبل وسياسات المستقبل، ومتى ثبتنا فيهم هذه الأفكار فهو من سيقنع أمه أو أباه أو بشكل عام البيئة التي يعيش فيها. وما الذي نقدمه مقابل ذلك؟ نحن خدمتنا مجانية وتصل إلى أي مكان وعلى مدار 24 ساعة، ومستحيل أن تجد مثل هذا الشيء، ففي خارج السعودية يأخذون مبالغ هائلة من أجل النقل. ونحن كهيئة الآن هدفنا هو التوعية لهؤلاء الصغار كي نصل إلى كل بيت. وسنرسل رسائلنا التوعوية عبر البيت والشارع والسوق والمسجد، وهي مسائل توعوية بسيطة فنحن كالجسد الواحد.. ويجب أن نعمل بهذا المفهوم. * متى ستفعّلون الرسائل التوعوية؟ - بصراحة.. الدراسات -وخاصة مع الأكاديميين- تأخذ وقتاً، لأنهم يدرسون المجتمع بالكامل بطبقاته باختلاف أفكاره وأطيافه وعاداته وتقاليده. وبإذن الله من بداية السنة الجديدة نبدأ على المدارس، وذلك بالإمكانيات المتوفرة حالياً، وهي ليست كبيرة؛ حيث إنك لو وزعت الميزانية على ما نعمله ستجدها قليلة جداً. * وأي الجامعات التي تعاونتم معها في الإطار التوعوي؟ - كجامعات إلى الآن لم نتعاون معها، ونحن نضع الآن الأسس المبدئية، وما هي الجهة التي تستطيع مساندتنا في هذا الشأن، فكما تعلم هناك عدة جهات نحتاج إلى تعاونها.. ونحن نجمع الآن معلوماتنا كاملة كي نوجهها إلى الجهات المعنية. * وماذا عن (الكول سنتر) وقلة عدد العاملين في الرد على الاتصالات؟ -أستطيع أن أقول إننا وصلنا إلى نوع من الرضا في هذا الإطار، واستطعنا تغطية الكثير من الاتصالات على الرغم من علمنا أن مساحة السعودية كبيرة.. وعدد السكان كبير ونحتاج إلى جيوش للوصول إلى النظرة التي يريدها الأمير فيصل. في البداية أخبرتك أننا مقصرون إذ إن عمر الهيئة صغير مقارنة بالهيئات والوزارات الموجودة لدينا.. وبالنسبة لاستلام البلاغات يمكن أن هناك تقصيراً ولكن إن شاء الله كل هذا سيتغير، فهناك سياسات وضعها الأمير فيصل والجميع يعمل عليها في إدارات الهيئة. * وماذا عن الإسعافات القديمة وغير المجهزة؟ -نحن نعمل الآن على الإحلال وهناك سيارات منتهية ومتهالكة وسيارات قديمة، وبين فترة وأخرى نضيف سيارة جديدة، وللأسف، إن هناك بعض السيارات لا يكمل عمرها الافتراضي وتجدها بعد ثلاثة أشهر أو أربعة أو خمسة أشهر بالكثير انتهت.. والصعوبة هنا تكمن في الموازنة بين القديم والجديد وطوال العام هناك سيارات جديدة وعلى أعلى المستويات. * وماذا عن الشركات ورجال الأعمال ألا يساندونكم في هذه المسألة؟ - لا شيء.. ولا يقدمون ما يذكر. * لم يحصل أن تبرع أحدهم بسيارة إسعاف على الإطلاق؟ -هناك تبرعات ولكن لا يعتد بها. * ألم تتحدثوا إلى رجال الأعمال في هذا الإطار؟ -لا أستطيع الذهاب إلى رجل الأعمال وأقول له « تكفى».. فإذا لم يبادر هو ويتبرع بأرض أو سيارة فإنني لن أذهب إليه وأمد يدي وأقول له تبرع!! * ولماذا لا تكون من ضمن خططكم التوعوية لرجال الأعمال؟ - هي موجودة ضمن لجنة خاصة وهي تحت الدراسة وإلى الآن لم تصلنا الدراسة كاملة تخص هذه الموضوعات سواء لرجال الأعمال أو للشركات أو التبرعات أو الدعم.. ولكن إلى الآن لم نستطع حصر الأنظمة لتُرضي جميع الأطراف. * إذا اتجهنا إلى تعليم البنات.. من سيدرب البنات؟ -لدينا قسم نسائي خاص ولدينا متطوعات وموظفات على مستوى عالٍ جداً، والدكتورة منيرة المزروعي على رأس القسم وهي غير مقصرة في التوعية والوصول إلى المجتمع، ونحن جاهزون إن شاء الله ولكن إذا بدأ المشروع هذا نحتاج الجميع. * رجال الإسعاف. هل تأهيلهم كامل الآن؟ -كمسعف نعم وليس هناك إشكالية. * وماذا عن الأدوات البدائية التي يستخدمونها.. وما المقصود بالأدوات البدائية هنا؟ وهل المسعفون يعالجون في ذات المكان؟ - المقصود بالأدوات البدائية في التنظيف بالديتول والماء، والآن حلت مكانها أدوية عديدة أو مستحضرات كثيرة وهي تحت الدراسة، لأننا لا نعرف هذه المادة الكيماوية عند استخدامها على المريض ما هي ردة فعله. أما الشق الثاني، فالحالات التي تحتاج إلى علاج فوري تتم معالجتها دون تأخير وكثير منها يتم في مكانه دون النقل، وبعضها يعالج في الطريق إلى المستشفى وينقل المريض فقط لعمل فحص روتيني. * كيف تواجهون حالات التجمهر وسد الطريق على الإسعاف ومطاردته أحياناً.. وهل هناك ترتيب أو أفكار مع الجهات المعنية كالمرور والشرطة وغيرهما؟ -المشكلة ليست مشكلة مرور، المرور لم يقصر والمشكلة هي مشكلة ثقافة مجتمع، التجمهر نحن الوحيدون في العالم الذين يحدث لهم هذه الحالة. نحن لدينا مشكلة التجمهر ومشكلة سيارة الإسعاف وهي تسير لا تعطى الفرصة للسير.. ولا نعلم ما هو السبب؟ هل هو خوف من ساهر أو من مخالفة؟ وإلى الآن لم نضع أيدينا على المشكلة إلى الآن.. في النهاية هي ثقافة مجتمع. * لو أخذنا نقطة قطع الإشارة من أجل الإسعاف.. هل أقطع الإشارة وأغرم؟ - نعم سيقول.. هل أدفع تسعمائة ريال من أجل الإسعاف يمر؟ * هل رتبتم مع المرور في هذا الإطار؟ -نعم هناك ترتيبات مع المرور. وحسب المفاهمات بيننا وبينهم فإنه قريباً سيحل هذا الموضوع. وأعود لأقول إن كل ذلك أيضاً يخضع لثقافة المجتمع؛ ففي أمريكا مثلا أول ما تسمع صافرة الإسعاف أنت لا إراديا تهدي وتمسك اليمين من أجل أن تمر سيارة الإسعاف.. إذا وصلنا نحن إلى الثقافة هذه وإلى الفكر هذا فأنا لا أحتاج إلى أحد. * وماذا عن مطاردة سيارة الإسعاف؟ - بالأمس صورت مجموعة من السيارات تطارد سيارة الإسعاف من أجل الوصول أسرع.. ولو فكر مثل هؤلاء ماذا سيفرق لديه للوصول إلى العمل ثلاث دقائق من خمس دقائق.. ومع الأسف لو فكر مثل هؤلاء في أن سيارة الإسعاف هذه تقف فجأة سيجد خلفه من السيارات ليست واحدة أو اثنتين أو أربع سيارات بل مقطورة قد تصطدم بعضها ببعض بسبب هذه المطاردة. الأمير فهد متحدثاً للزميل محمد الغامدي (تصوير: حسن المباركي)