عبّر كثيرٌ من المصريين عن غضبهم من بقاء أوضاعهم المعيشية دون تغيير خلال المائة يوم الأولى من حكم الرئيس الجديد محمد مرسي رغم وعوده الوردية لهم أثناء حملته الانتخابية، لكن آخرين قالوا إنه فعل ما لم يتوقعوه على الإطلاق بإزاحته المجلس العسكري من الحكم وهو ما اعتبروه إنجازا كافيا خاصة أن المجلس العسكري كان يمسك بزمام الأمور في البلاد. ووعد مرسي الناخبين أثناء المعترك الانتخابي بتقديم حلول فورية في المائة يوم الأولى لحكمه بخصوص خمس مشكلات رئيسة تواجه المصريين وهي بترتيب ورودها في برنامجه الانتخابي: المرور، والأمن، والنظافة، والخبز والوقود، قاطعا 64 وعدا انتخابيا تفصيليا بشأنها. وأنشأ نشطاء مصريون موقعا إلكترونيا على الإنترنت بعنوان «مرسي ميتر» لمراقبة ما جرى تنفيذه من الوعود ال 64، لكن بانتهاء المائة يوم الأولى من حكم «مرسي» فإن أربعة وعودٍ فقط تحققت بينما 24 أخرى جاري تنفيذها بحسب الموقع الذي يتابعه نحو مائة ألف مصري، وقال الموقع إن 43 % من متابعيه راضون عن الوعود التي نُفِّذَت. من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، ياسر علي، إن الرئيس مرسي سيعلن كل ما تم تحقيقه خلال المائة يوم الأولى من رئاسته بكل شفافية ووضوح خلال الأيام القادمة. ويعتقد كريم محمد، موظف في بنك استثماري، 24 عاما، أن شيئا ملموسا لم يتغير في البلاد خلال المائة يوم الأولى لمرسي، مضيفا، بينما سيارته تسير ببطء قاتل وسط مئات السيارات في شارع رئيس مزدحم بوسط القاهرة، «أزمة المرور تحسنت في أماكن بينما بقيت أماكن أخرى بلا أي تغيير». وتابع كريم، الذي صوَّت لمرسي في جولة الإعادة ولا يزال يقطع الطريق من بيته لعمله في ساعة ونصف يوميا، «أزمة المرور لم تنتهِ لأنها تحتاج وقتا أكبر بكثير من المائة يوم، مرسي أخطأ عندما وعد بحل كافة مشكلاتنا اليومية في مائة يوم فقط». وبعد أيام من انتخابه، أطلق مرسي حملة قومية للمواطنين لتنظيف الشوارع من أكوام القمامة المتراكمة جرى تفعيلها ليوم واحد فقط قبل أن تعود القمامة لتملأ الشوارع. وقالت راجية طارق، 22 عاما، موظفة بشركة منتجات ألبان خاصة، ل «الشرق»: «الأمور كان يمكن أن تدار بطريقة أفضل مما يفعله مرسي»، وتابعت طارق، التي تسكن بحي إمبابة (غرب القاهرة) وتمر جوار أكوام القمامة في طريقها لعملها يوميا، «لا شيء يتغير تقريبا باستثناء تحسن الوضع الأمني، الأمور لا تزال سيئة». وخلال المائة يوم الأولى لمرسي في الحكم، تكرر انقطاع الكهرباء لساعات طويلة عن جل المدن المصرية كذا ضربت مصر أزمة وقود خانقة حيث شحت المشتقات البترولية للسيارات وتكدست السيارات بالمئات عند محطات الوقود وتضاعفت أسعار أنبوبة البوتاجاز المنزلي. وأوضحت إلهام مصطفى، ربة منزل، (40 عاما)، التي صوَّتت للفريق أحمد شفيق بالانتخابات الرئاسية، أن سبل المعيشة تزداد ضيقا على أسرتها، قائلة «أشتري أنبوبة البوتاجاز بثمانين جنيها بدلا من خمسة جنيهات (سعرها الرسمي)، وأشتري الخبز السياحي غالي الثمن، فالخبز المدعم الذي وعد مرسي بتطويره لا يزال غير آدمي». وفيما كانت سيارته «الفولكس» البرتقالية الصغيرة تصطف في طابور طويل للتزود بالوقود، قال فادي جرجس، مندوب مبيعات في شركة حكومية، «أقضي ساعتين في كل مرة أذهب فيها لمحطة الوقود، الوضع لم يختلف كثيرا عن أزمات ما قبل الثورة». لكن جرجس، الذي شارك في الثورة وانتقد مرسي بسبب تباطئه في الإفراج عن معتقليها، أضاف ل «الشرق»: «رغم كل ذلك أزاح مرسي عنا حكم العسكر، وهو الشيء الوحيد الذي يحسب له». وكان مرسي أحال قادة المجلس العسكري الحاكم للتقاعد في منتصف أغسطس الماضي منهيا بصورة غير متوقعة 18 شهرا من وجود «العسكريين» على رأس السلطة في مصر. وقال عصام عبدالحميد، 48 عاما، تاجر، «يكفي مرسي أنه خلصنا من المجلس العسكري، لم نكن نتوقع ذلك على الإطلاق».وتابع عبدالحميد، بينما كان يشارك في حلقة نقاش سياسي في ميدان التحرير، «التخلص من المجلس العسكري مكَّن مرسي من القبض على كثير من البلطجية في مختلف المدن والإسراع في وتيرة الكشف عن الفساد مؤخرا»، مضيفا «بقية الأزمات تحتاج تكاتف مجتمعي حقيقي لحلها». ويقول كريم عيسى، 31 عاما،محامٍ ، «ربما أحوال القمامة لم تتحسن، وربما لا يزال الحزب الوطني مسيطرا على شؤون المحليات، لكن يكفي أن الرئيس مرسي خلصنا من المجلس العسكري»، وتابع عيسى، الذي صوَّت لمرسي منذ الجولة الأولى، «خلال المائة يوم الأولى أعاد الرئيس لنا مكانة مصر الدولية العالية الغائبة منذ سنين».