شن آلاف المقاتلين السوريين المعارضين لنظام بشار الأسد هجوما حاسما بعد ظهر أمس، على مدينة حلب شمال البلاد، كما أعلن أحد قادتهم. وقال الضابط المنشق وأحد قادة لواء التوحيد المعارض الأكبر في حلب أبو فرات: “هذا المساء (مساء الخميس) إما أن تكون حلب لنا أو نُهزَم”. وحلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا، بقيت فترة طويلة بمنأى عن حركة الاحتجاج، وتعد مسرحا لمعركة شرسة منذ أكثر من شهرين. وبعد أن حققوا خرقا مهما في نهاية يوليو مع بداية المعارك، اكتفى المقاتلون المعارضون بالدفاع عن مواقعهم أمام كثافة وقوة نيران القوات الحكومية. وكان النظام السوري، الذي يقصف طيرانه المدينة باستمرار، قد أعلن الثلاثاء الماضي استعادة السيطرة على العرقوب، أحد الأحياء الكبيرة شرق حلب. من جانبه، قال المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا: إن الفيتو الروسي ليس “سوى ذريعة” لقوى العالم كي لا تساعد السوريين على الإطاحة بالرئيس بشار الأسد الذي “سيسقط حتى دون مساعدة”. واعتبر محمد رياض الشقفة، في تصريحاتٍ له أمس، أن “روسيا ليست سوى ذريعة لسائر القوى العظمى لعدم الإطاحة بنظام بشار الأسد”، معربا عن أسفه لعدم وجود ما سمّاه إرادة دولية للتورط في الصراع الدائر في سوريا. وكان المراقب العام للإخوان، المقيم في المنفى، يشير إلى الانقسامات الحاصلة في مجلس الأمن الدولي، التي يعتبرها الغربيون سببا في عدم صدور قرارات حاسمة ضد النظام السوري. وكرر الشقفة، نداءات للمجتمع الدولي لتزويد المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات لصد الهجمات الجوية وقاذفات مضادة للدروع، لكنه قال: إن “الشعب السوري سوف ينتصر بدون ذلك”. وأضاف أن “الحصول على تأييدٍ من المجتمع الدولي من شأنه أن يعجّل برحيل الأسد، ربما في أقل من شهر، وهذا يعني إنقاذ عديدٍ من الأرواح”. وتأتي تعليقات الشقفة، غداة مقتل أكثر من 305 أشخاص، في مناطق متفرقة من سوريا، في يوم هو الأكثر دموية منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية قبل 18 شهرا، التي قُتِلَ فيها نحو ثلاثين ألف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. بدورها، تبنّت “جبهة النصرة” الإسلامية المتشددة في بيانٍ نشر أمس، على مواقع على شبكة الإنترنت، الهجوم الذي استهدف أمس الأول، مقر هيئة الأركان العامة في دمشق. ويأتي بيان “جبهة النصرة” بعد تبنّي جماعة إسلامية تطلق على نفسها اسم “تجمع أنصار الإسلام – دمشق وريفها” الهجوم نفسه. وأوضح بيان جبهة النصرة أن خمسةً من أفراد الجبهة قضُوا في الهجوم، بينهم انتحاري “تمكّن من إيصال سيارته إلى الجهة المحاذية لمبنى هيئة الأركان من الجهة الجنوبية” حيث فجرها، أما الأربعة الآخرون فقادوا سيارة مفخخة إلى المدخل الرئيسي للمبنى حيث “استغلوا حالة الهلع ليأمروا عناصر الحراسة بفتح الباب”. وبحسب البيان، سيطر الأربعة على الطابق الأول من المبنى “وقتلوا مَن فيه ثم أحرقوه، ثم فجروا السيارة التي ركنوها عند الباب الرئيسي عن بعد”، قبل أن يستكملوا العملية بالسيطرة على الطابق الثاني. وأضافت جبهة النصرة أن الأربعة “تحصنوا في أعلى طوابق المبنى بعد أن قتلوا وجرحوا مَن كان في المبنى، ومَن كان حوله من عناصر حمايته”، قبل أن يُقتَلوا بدورهم. وكان “تجمع أنصار الإسلام – دمشق وريفها” قد تبنى الأربعاء العملية، مشيرا إلى مقتل خمسةٍ من أفراده بينهم انتحاري، بينما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ومتحدث باسم الجيش السوري الحر في محافظة دمشق، أن أربع مجموعات بينها تجمع أنصار الإسلام شاركت في العملية. في المقابل، أفاد مصدر عسكري سوري الأربعاء، أن العملية نفذها انتحاريان يقودان سيارتين مفخختين، وأدت إلى مقتل أربعة من عناصر حراسة المقر. وأورد المرصد السوري أن التفجيرين والاشتباكات التي تلتهما تسببت في مقتل 14 شخصا. وسبق لجبهة النصرة، التي لم تكن معروفة قبل الاضطرابات في سوريا، أن تبنت في أشرطة فيديو وبيانات عمليات تفجير في دمشق (جنوب) وحلب (شمال) ودير الزور (شرق) استهدفت في معظمها أجهزة وتجمعات أمنية سورية.