ماذا قدمتُ للوطن؟! ربما يشفع لي -عن أي قصور- هذا النبض الحي الذي أتحسسه بقلبي عشقاً وبعقلي إدراكاً وبروحي هياماً خالداً، وكيف لا وهو الملهم باتساع يمنحني التسامح، بروحانية مقدسات ترسّخ بروحي معاني الأمان والطمأنينة، وبوحدة تشعرني بالقوة والألفة ومدِّ جسور التآخي والمحبة. قصة وحدته معجزة لا يزال التاريخ يستلهم فصولها تشويقاً وفنا، حكاية أسطورية تستحق التوقف أمامها طويلاً لاستكشاف تلك الكيمياء الفريدة التي شكلت وحدته تحت راية التوحيد التي حملها المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله، فألّفَ الله به بين القلوب وجمعها على الاتحاد أفراداً وقبائل استلهمت من قائدها التضحية في سبيل الوحدة، والتآخي منعاً للفرقة، والاعتصام بالله نوراً يبارك المسعى ويوصل للهدف، فيلمٌّ -بفضله- الشتات اجتماعاً ويسبغ الخير على أرض الحرمين الشريفين رخاءً وأمنا. في شموخ عيد الوطن كثيراً ما أجدني منساقاً لكلمات مؤسسه الخالدة -طيب الله ثراه- ومنها -بتصرف- قوله: ( من عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن سعود إلى شعب الجزيرة العربية، على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلماً وقع عليه، أن يتقدم إلينا بالشكوى، ويبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا، وعلى كل موظف أن يتقبل الشكاوى من رعيتنا ولو كانت موجهة ضد أولادي أو أحفادي أو أهل بيتي، وليعلم كل موظف يحاول أن يثني أحد أفراد الرعية عن تقديم شكواه -مهما تكن قيمتها- أو حاول التأثير عليه ليخفف من لهجتها أننا سنوقع عليه العقاب الشديد، لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم، ولا أريد أن يحملني الله وزر ظلم أحد، أو عدم نجدة مظلوم أو استخلاص حق مهضوم)