في تصريح غير تقليدي، اعترف القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري الأحد، أن عناصر من «قوة القدس» التابعة للحرس الثوري موجودون في سوريا ولبنان. وعلى الرغم من أنّ وسائل الإعلام العربية والعالمية صنّفت التصريح على أنّه الأول الذي تعترف من خلاله طهران بوجود قوات لها داخل لبنان وسوريا، إلا أنّه عمليا ليس كذلك. فقد سبق لنائب قائد فيلق القدس «إسماعيل غان» أن اعترف في شهر حزيران الفائت بأنّ الجمهورية الإسلامية حاضرة عبر فيلق القدس بشكل حسي، وغير حسي في سوريا، وأنّه لولا هذا الحضور لكانت الأمور أسوأ. إذا نحن هنا الآن بصدد متابعة موقف إيراني أكثر تقدما من العدوان، ويتجلى هذا الموقف في الحرص على إظهار الحضور الإيراني في سوريا ولبنان بشكل معلن، وهو تعبير عن استعداد لخوض المعركة حتى النهاية في حماية هذه المستعمرات الإيرانية المتمثلة في النظام السوري، وحزب الله في قلب العالم العربي. الجميع يعلم الآن أنّ الذي يقود المعركة في لبنان وسوريا هي إيران، وأنّ الأسد وحزب الله هم مجرد منفذي أوامر، لا أكثر ولا أقل. والحقيقة أنّ المرتزقة هنا ليسوا الإيرانيين، بدليل التصريحات التي يدلون بها، والتي تشير إلى أنّهم سادة على العرب الذين يعملون عندهم وبأجندتهم.صحيح أنّ الإعلام الإيراني سارع إلى سحب تصريح إسماعيل غان، فيما عمد جعفري إلى التخفيف من حدّة التصريح بالقول إنّ قوات القدس العاملة داخل سوريا ولبنان إنما تقدّم الاستشارات والنصائح والآراء التي تفيدهم، انطلاقا من التجربة الإيرانية. والحقيقة أنّ هذا التفسير الملتوي في حد ذاته يرتب عليه تداعيات يجب عدم إهمالها، فهو اعتراف بالتورط في قتل الشعب السوري، ويجب أن تتم ملاحقته عليه، وأن يتم تحميل المسؤولية للقادة الإيرانيين العسكريين والسياسيين بموجب دعوات قانونية وقضائية إقليمية ودولية. فلا نعرف تجربة إيرانية سوى القتل والتخريب ونشر الدمار والطائفية ونشرالفتن في مجتمعاتنا العربية، هذه بضاعتهم، وهذا ما يقدمونه لنا في سوريا وفي لبنان وفي البحرين والعراق واليمن والسودان، وما خفي كان أعظم. الأكيد أنّ إيران تلعب على المكشوف الآن، ولذلك فهو التوقيت الأكثر ملاءمة للرد عليها ببرامج وسياسات واضحة وصريحة لا مجال فيها للمواربة أو الدبلوماسية، خاصّة في ظل المشكلات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعاني منها، وفي ظل عزلتها العالمية، وأيضا تدهور علاقاتها مؤخرا مع دول مثل تركيا. لسنا ضد إيران لأنها إيران، ولكننا بالتأكيد ضد سياساتها المافيوية، وقد عجزنا عن التعامل معها كعرب عبر سياسات منهجية موحدة ومعتبرة، وفضّلنا الهرب إلى موقع دفاعي، نستخدم فيه الماء لإطفاء النار التي نقذف فيها، أما وقد عجزنا عن إطفائها، فلا مجال لمكافحة الحريق الإيراني سوى بالنار كما يفعل الإطفائيون.