في عام 1993م، ببغداد، رسمت الفنانة العربية العراقية ليلى العطار، لوحتها الشهيرة «المجرم».. التي كانت للرئيس الأمريكي جورج بوش -الأب-، حيث كانت على مدخل الرخام لفندق الرشيد. مما جعل ممثلي الصحافة وكبار الزوار يدوسونها بأقدامهم كلما دخلوا الفندق، باعتبار الفندق مكان عقد المؤتمرات الدائم. إن الرسم بالطبع نوع من أنواع الفنون، التي هي بالتأكيد شكل من أشكال التعبير والرأي. وفي ليلة 27 يونيو 1993م، انطلقت طائرة حربية أمريكية وقصفت بيت الفنانة العربية ليلى، واستشهدت هي وزوجها وابنتهما، كردٍ على إساءة الفنانة لرئيس الولاياتالمتحدة، وكردٍ على رأي في شخصية سياسية قادت مجموعة من الحروب والويلات على هذه الأرض. معلوم أن ردة الفعل الإسلامية الغاضبة شابتها دموية قاسية بسبب الفيلم البغيض، ولكن التاريخ يعيد تدابيره بذاته، وعلى أمريكا كقيادة أن يكون ردها أكثر احتراماً وكياسة من أن تعتبر الفيلم مسيئاً، ولكنه يعتبر رأياً، تكفل الحكومات له النشر دون محاكمة أو رد فعل سياسي حاد. لاتضير النبي صلى الله عليه وسلم هذه الخساسة، فهو خير البرية، وقائد السلام الأول، ورائد الأخلاق، اختصر الإنسانية والخير في ذاته الشريفة، والإساءة لاتطاله بأي حال، ولكنها طالتنا، وخدشت وجداننا، وبيّنت خنوعنا، وفتور قوتنا، واستعلاء الحقير علينا. مثل هذه القضية، تذكرنا بما لايُنسى، وهو مدى تأخرنا في العلم، الذي استقوى به الغرب واستأسد به علينا. وكيف جعل عبر قنواته في فضاءات العالم استمرار بث الفيلم حماية للرأي، بوصف حماية الرأي فضيلة نظامية، متناسياً جثة ليلى العطار التي راحت أشلاءً.. فلو كان لنا من العلوم والإعلام والفن وقنوات الإبداع والحرية ما لهم، لبيّنا عالمية النبي محمد، وتحدثنا عن قتل الفنانة ليلى!