قال الإعلامي السعودي تركي الدخيل إن «الإعلام ليس مسؤولاً عما يُطرح. إنه يعكس فقط. الناس هم المسؤولون. المجتمع بثقافته وطبيعة مجتمعه هو المسؤول»، موضحا أن الإعلام «ليس مسؤولا، لكن الإعلامي هو الذي يضع المنتج في مكينة الإعلام ليعرضها». وأوضح الدخيل، في محاضرة بعنوان «دور البرامج الحوارية في مكافحة التطرف بالمجتمع الخليجي» أقامتها مساء أمس الأول جمعية المنتدى البحرينية في نادي الخريجين بالمنامة، أنه منذ أن بدأت القنوات العربية الإخبارية بالبث، والإشكالية اللغوية حاضرة، مشيرا إلى أن القنوات الحكومية اعتادت على وصف أشقائنا الفلسطينيين، الذين يسقطون بيد الإسرائيليين، بأنهم «شهداء»، ثم حين جاءت العمليات الانتحارية وُصفت في بعض وسائل الإعلام ب»الاستشهادية»، وحينما قررت بعض القنوات التزام الحياد اللغوي، وتسمية أي ضحية ب»قتيل»، أو أي منتحر على أنه «انتحاري»، غضب كثير من المسلمين، لأنهم لم يعتادوا على حل الإشكاليات اللغوية في الإعلام، مع أن القرآن الكريم وصف ضحايا الغزوات من الصحابة بأنهم «قتلى»، مثل قوله تعالى: «يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون». وقال خلال المحاضرة، التي أدارتها رئيسة جمعية المنتدى منى المؤيد، إن هذه إحدى المشكلات اللغوية التي تطورت مع أحداث الإرهاب بعد 2001، مستشهدا بأن بعض القنوات راحت تطلق على بن لادن صفة «الشيخ»، مشيرا إلى أن «التمييز حصل حين وحدت اللغة تجاه الضحايا أو المجرمين، فصارت الأوصاف إنشائية بحتة ومطردة». وفي موضوع آخر ذي صلة، تطرق المحاضر إلى مسألة الأشرطة التسجيلية المهربة، مثل التي كان تنظيم القاعدة يدسها في مكان، أو يرسلها لأحد كي تُبث من خلالها خطب بن لادن والظواهري وسليمان أبوغيث وغيرهم، قائلا: «إن هذا الموضوع تسبب في إشكالية استغلال القاعدة للإعلام الفضائي، وفي نفس الوقت حاجة الإعلام إلى أخبار القاعدة. وهكذا كان السؤال المثار هو: هل أحتاج للخبر لأبثه من شريطهم فأسوق لهم وأنشر فكرهم من حيث لا أشعر؟ وإذا لم أفعل فهل ستلتزم القنوات المنافسة بالشيء نفسه، أم تسبقني للبث؟ ولماذا لا أعتبر القاعدة بهذا الشريط صوتا يجب أن يُسمع، وأن ينتقده المتخصص الذي سيعلق عليه؟»، موضحا أن الأشرطة المهربة كانت فعلا «من أبرز المعضلات التي واجهت الإعلام في تغطيته للإرهاب». وفي حديثه عن تغطية الإعلام المرئي لصور الدماء والأشلاء الناجمة عن الأعمال الإرهابية، قال الدخيل «يقلق أي إعلامي من مستوى أو درجة العرض التي يغطي فيها أي حادث دموي. فالتفجيرات المخيفة التي حدثت في الرياض أو الدارالبيضاء أو الأردن أو مصر، تضم كثيرا من الصور التي تثير القشعريرة لهول مضامينها، ومن هنا فهو يواجه إشكالية عرض الصور الدموية من عدمها، خصوصا إذا ما وضعنا في الاعتبار احتمالات مشاهدتها من قبل الأطفال الذين لا يطيقون المشاهد المزعجة». أما حول رسالية الإعلام، فأوضح أنه «بعد أحداث الإرهاب برزت حالة من «الرسالية» في بعض وسائل الإعلام. وهي رسالية طارئة، ذلك أن الإعلام انعكاس موضوعي، وليس أكاديمية»، مبينا أن «القناة التليفزيونية ليست كلية للتعليم. هي جهاز متعة وترفيه. حتى الأخبار يجب أن تُطعّم بالمنوعات والأخبار الفنية، لأن الترفيه هو من صميم وظيفة الإعلام. مشكلة دخول الرسالية أنها ضيعت موضوعية الإعلام، فحينما برز الإرهاب كان لابد من مواجهته، فحضرت الرسالية مؤقتا، وكانت رسالية إنسانية مهمة. غير أنني ضد رسالية الإعلام، وأعتبره جهازا موضوعيا ولا أقول محايدا».