تحوَّلت مركبات نظام ساهر منذ تطبيقه في منطقة عسير أواخر شهر صفر الماضي، إلى مركبات مصفحة محاطة بسياج حديدية لحمايتها من عبث المخرّبين، الذين ما انفكّوا يقذفونها بالحجارة، ويستخدمون جميع أساليب العبث، كما لجأ بعضهم إلى إخفاء لوحات مركباتهم، وآخرون استمرأوا الاستعراض أمام كاميرات ساهر في أوضاع تنم عن الاستهتار بالنظام، الذي أسهم في وضع حد لهدر الأرواح وضبط سلوكيات السائقين. وتطور الاستهتار لدى بعض المخربين إلى تهديد سلامة الموظفين العاملين في نظام ساهر، وتعريض حياة آخرين للخطر؛ حيث تعرَّض البعض من الموظفين وسائقي مركبات النظام إلى الاعتداء والتهديد بالقتل، وإطلاق النار عليهم وعلى المركبات، وجرى تسجيل تلك الحوادث في أقسام الشرطة، كما وصل بعضها إلى أروقة المحاكم الشرعية، بعد أن تمكنت الجهات الأمنية من التوصل للفاعلين.
حزم وعقاب رادع وأوضح الناطق الإعلامي في شرطة منطقة عسير، الرائد عبدالله بن علي آل شعثان، أن الجهات الأمنية تتعامل مع بلاغات ساهر بكل جدية، لافتاً إلى أن هناك متابعة مستمرة، وتنسيقاً للحد من أي تجاوزات قد ترتكب ضد موظفي النظام أو مركباتهم، ومشيراً إلى أنه جرى التعامل «بكل حزم» مع بلاغات عن عدد من القضايا، وأن هناك قضايا منظورة أمام هيئة التحقيق والادعاء العام وأمام المحاكم الشرعية. وأبان آل شعثان أن نظام ساهر «إنما وضع لحماية السائقين وحفظ أرواحهم وأرواح مرافقيهم»، مشدداً على ضرورة التقيد بالأنظمة والتعليمات المرورية، وعدم التعاطف مع «أهواء بعض الشباب» الذين تسوّل لهم أنفسهم العبث بمركبات وكاميرات ساهر، الذين سيكونون «تحت طائلة النظام والعقاب الرادع».
تهديد بالقتل وتحدث ل»الشرق» أحد موظفي ساهرعما وقع له بعد أن انتهى من نوبته اليومية؛ حيث يقول (سلطان): «كنت أؤدي مهامي في رصد المركبات على طريق الملك عبدالله في عسير، وبعد أن أنهيت فترة عملي وعزمت على التوجه إلى مقر تسليم مركبات ساهر، لاحظت أن هناك سيارة تتبعني، وبعد توقفي عند أحد المطاعم على الطريق، نزل من تلك السيارة رجلان، وأخذا في التهجم عليّ وتهديدي بالقتل، وتطور الأمر إلى أن رفع أحدهما سلاحاً نارياً في وجهي، ولجأ بعض الزبائن في المطعم إلى الهرب، بينما حاول آخرون تهدئة الموقف وفك الاشتباك، غير أن المعتدي أطلق النار مستهدفاً قتلي، إلا أن الله سلم وطاشت الرصاصة بعيداً عن رأسي، واستطعت أن أنجو من الموقف بعد هرب المعتدين، لأتقدم ببلاغ إلى الجهات الأمنية على الفور، وتمكن رجال الأمن من رصد مركبتهما والقبض عليهما، فيما لاتزال القضية منظورة في هيئة التحقيق والادعاء العام.
عبوات وطلقات نارية كما يروي موظف آخر في ساهر، كان يرصد حركة السير على طريق المدينة العسكرية في خميس مشيط، أنه بعد توقفه بمركبة ساهر في الموقع المحدد، وشروعه في ضبط الكاميرا والفلاش، لفتت إحدى المركبات انتباهه، بعد أن خرج من زجاجها الأمامي شاب ملثم، سارع بقذف عبوة معدنية على الزجاج الخلفي لمركبة ساهر تسببت في تهشيمه وإتلاف الكاميرا، وقد تم تمرير البلاغ للجهات الأمنية، حيث قامت على الفور بالحضور إلى الموقع وتصوير الحادثة ورفع البصمات عن العبوة، كما تم تزويدهم بالصور الملتقطة لمركبة المعتدي، حيث رصد من خلالها رقم لوحة المركبة ومَنْ بداخلها، ولايزال البحث جارياً عنهم. ويؤكد موظف آخر أنه بينما كان يؤدي مهام عمله في رصد المركبات على طريق أبها – خميس مشيط، قامت سيارة بالمرور من أمامه بسرعة منخفضة، بينما أخرج مرافق السائق مسدساً من النافذة الأمامية وأطلق النار في الهواء قاصداً إخافته، مشيراً إلى أنه تم إبلاغ الجهات الأمنية بالحادث، التى حضرت إلى الموقع لتمشيطه بحثاً عن فوارغ الطلقات النارية.
خسائر كبيرة من جهته، أوضح أحد مشرفي نظام ساهر في أبها (فضَّل عدم الكشف عن اسمه)، أن عمليات التخريب والاعتداء على مركبات النظام في عسير، تكبِّد الشركة خسائر كبيرة، مؤكداً أنه لا يكاد يمضي أسبوع حتى يتم تحرير محضر أو محضرين لتعرض سائقي مركبات ساهر للاعتداء أو إتلاف المركبات، ولفت إلى أنه أمام هذه المخاطر، قد استقال عدد كبير من موظفي النظام؛ خوفاً على حياتهم، وحرصاً على سلامتهم. وأشار إلى أن هناك عشرين مركبة لنظام ساهر دخلت الخدمة في عسير، «لا توجد منها مركبة ليست فيها آثار لقذف بالحجارة، أو تلف أجهزة، أو صدمات»، وقال: «نعاني كثيراً، ولاتزال المخاطر تحدق بنا في ظل استهتار الشباب بهذا النظام الذي وُضع أساساً من أجل سلامتهم وحماية أرواحهم من عواقب التهور والسرعة». وأجرت «الشرق» اتصالاً بمدير عام إدارة المرور في منطقة عسير، العميد سعيد مزهر، لأخذ تعليقه على الموضوع، غير أنه أفاد بأن هناك تعليمات تشدد على عدم التحدث عن برنامج ساهر، إلا عن طريق مدير المشروع، العميد عبدالرحمن المقبل، فيما لم تتمكن «الشرق» من الوصول إليه حتى ساعة إعداد المادة للنشر.