لا يصح أبداً أن تكون وظيفة «مستشار الرئيس» التي تُعطى لإرضاء من أخرج من منطقة نفوذه الأصلي المتخلص منه أو بهدف تغيير دماء تلك المناطق بالشباب، وهذا المطلوب –ومطلوب جداً– وتعد تلك الترضية الرئاسية لمن تخطوا سن المعاش نوعاً من «النفاق» لا ضرورة له، حيث أدى الرجل مهمته الوظيفية على خير وجه وصولاً إلى سن التقاعد مع كامل الاحترام لكل ما أدى، ومن ثم فلا داعي لوضعه «في المخزن» مع لصق «ستيكر» على صدره بأنه مستشار لرئيس الجمهورية ليس مكلفاً بشيء، بل ولا يذهب أصلاً إلى عمله «الاسترضائي» هذا! وأعتقد أن طول بقاء بعضهم في مواقعهم الكبيرة بعد سن التقاعد لا ضرورة له، حيث إن هذا البقاء –غير المبرر- يصيب باليأس طابوراً طويلاً من العاملين ينتظرون أن يكون «الترقي للمنصب» الأعلى هو المكافأة الطبيعة لكل من أدى عمله بتجرد وإخلاص، كما يُخلي طول البقاء هذا مؤسسة العمل من كل «ديناميكية» تدفع للنجاح والتقدم بتحويلها إلى «مؤسسة من الجبس» لا حياة فيها غير تحويلها إلى «بيت للمسنين» الذين يشكون أوجاع السن، وأمراض الشيخوخة؟ ووظيفة «مستشار» الرئيس المصرية تلك لا وجود لها في أنحاء العالم المتقدمة، وكذلك ألوف المستشارين، ويقال إن عددهم أيام مبارك قد بلغ 37 ألف مستشار! والله أعلم بعددهم الآن وهم الذين يقبضون مرتبات دون عمل، بل إن بعضهم لا يعلم في أي مؤسسة هو مستشار، ولا في ماذا سوف يُستشار، حيث يدرك كل منهم أن القوة التي زرعته في موقعه التسولي هذا لا تهدف لأكثر من «تحسين حالته المادية» على حساب صغار الموظفين، وهو ما يؤكد أنه يقبض «مالاً حراماً» على ما لا يؤدي من عمل! والغريب أنه –حتى الآن- لم يجرؤ مسؤول واحد على وضع «الحدين الأعلى والأصغر للأجور» بهدف إصلاح ميزان العدل الاجتماعي، ذلك أن بعضهم –بقوة النفوذ- يتقاضى ما يزيد كثيراً على نصف مليون جنيه شهرياً، وهو مبلغ يستطيع إصلاح مرتبات عشرات الموظفين الذين قد يكون وجودهم أكثر فائدة للمكان من «اللص الكبير» الذي يسرق أرزاقهم مع إشغال «السلطة» بالبحث له عن «خروج آمن» يوم تقاعده في «سن المائة»!