توقفت إدارة الطرق في جازان 17 عاماً، أمام أربعة كيلومترات، بعد أن تعثر مشروع طريق جبل القهر البالغ طوله 16 كيلومتراً. ولم ينجز طوال هذه السنوات سوى ما يقارب 13 كيلومتراً، تخضع حالياً للصيانة، فيما ظلت الكيلومترات المتبقية شاهدة على تعثر المشروع. «الشرق» أجرت جولة على مشروع طريق جبل القهر بشقيه، المنجز والمتعثر، لتكشف أنّ الجزء المنجز لا يستفيد منه أحد من السكان في قمة الجبل، فهو مجرد طريق مسفلت، ينتهي إلى صخور لا يمكن عبورها. عالقون في منتصف الطريق وكشفت جولة «الشرق» أنّ نحو نصف كيلومتر واحد، هو ما يمثل العائق دون اجتياز مركبات سكان جبل القهر في محافظة الريث جنوبي جازان إلى قريتهم، وهو في الوقت ذاته العائق أمام إدارة الطرق دون استكمال المشروع، حيث يتكون من منطقة صخرية شديدة الوعورة، تفصل جزئي الطريق، الذي أنجز أحدهما، بينما ظل الآخر متعثرا دون إيجاد حل جذري لإنجازه. وحول معاناة السكان، وتعثر المشروع الذي تعلقت به آمالهم، يعلق المواطن على دمنان الريثي بقوله «لو أن إدارة الطرق أنجزت كيلومترا واحدا كل عام، لتمكنت من استكمال الطريق إلى قمة الجبل»، وأضاف «أصبح الجزء المسفلت بحاجة إلى صيانة ولم يكتمل الطريق»، مؤكدا أن أهالي القرية طرقوا مختلف الأبواب، للمطالبة بإنجاز المشروع واستكماله، ولكن في نهاية المطاف «وجدنا أنفسنا عالقين في منتصف الطريق أمام الصخور، وليس أمامنا من حيلة سوى أن نخاطر بسلامة أبنائنا وسلامتنا ونسلك الطريق القديم».
الحياة فوق الجبل بعد أن وصلنا إلى نهاية الطريق المسفلت، قررنا العودة إلى محافظة الريث، لنسلك طريقا آخر للوصول إلي قمة جبل القهر، استغرق الطريق ساعة وربع الساعة حتى استطعنا أن نصل القمّة، انبساط الأرض، المساكن المبنية بالحجر، مركز البلدة كان مطلا على سفح الجبل، وإلى جواره مبنى مستقل يمثل غرفة واحدة، كتب عليها «مركز الرعاية الأولية بجبل القهر»، كانت خالية تماما، ثمّة مبانٍ محدودة تضم مدارس بنين وبنات، في المرحلتين الابتدائيّة والمتوسطة.
علامات بلا طرق ورصدت «الشرق» علامات وضعتها إدارة الطرق على بعض الصخور لفتح الطرق، غير أن تلك العلامات بقيت شاهدا آخر على تعثر مشروعات الطرق في المنطقة. وأفاد المواطن سالم مفرح، أن إدارة الطرق وضعت هذه العلامات منذ سنين، ولا زال الأهالي متمسكين بالأمل في أن تصل الطرق إلى قراهم، وأن تصل القرى بعضها ببعض، التي باتت خالية من أغلب الخدمات، مشيرا إلى أن شركة الكهرباء «الوحيدة التي وعدت فأوفت، وأوصلت الإنارة لقرى الشامية والواديين، وعن حالهم المعيشي، أضاف مفرح «سكان القرى هنا يعتمدون على الضمان، وما تقدمه الجمعيات الخيرية، بالإضافة إلى ما يكتسبونه من بيع الأغنام».
البحث عن الدواء خلال الجولة، شاهدنا المواطن يحي معجل (ستون عاما) يصعد الطريق سيراً على قدميه، وروى لنا أنه اجتاز الأودية والجبال من أجل الحصول على دواء تخفيف أزمات الربو التي يعاني منها، وقال «لم أشعر بالتعب، لأنني اعتدت على هذا السير، فأنا لا أمتلك سيارة، وأذهب باستمرار إلى أعلى جبل القهر، ومن هناك أجد من يوصلني إلى إحدى الصيدليات لأشتري منها الدواء».
انهيارات صخرية وبعد أن أنهت الشرق جولتها في جبل القهر، حاولت الالتقاء بالمسؤولين، لتقرأ معهم المشهد، بدأنا بمحافظ الريث بالنيابة عمر صدام، الذي علّق على تعثر المشروع بقوله «هناك مخاطبات مستمرة من قبل محافظة الريث بخصوص تعثر مشروع طريق جبل القهر، وإصلاح بقية الطرق»، مشيرا إلى أن الطريق بين الريث وجبل القهر يتعرض خلال مواسم الأمطار لانهيارات صخرية.
306 أيتام وعن صرف الإعانات للأهالي في جبل القهر، أفاد رئيس الجمعية الخيرية في محافظة الريث مغدي الريثي، أن الجمعية تكفل 306 أيتام في قرى المحافظة، إضافة إلى بناء مساكن للمحتاجين، مشيرا إلى أن بلدية الريث شكلت لجنة لحصر البيوتات، والعشش التي يسكنها الفقراء، للاستعانة بالمؤسسات الخيرية في بناء مساكن لهم، وأضاف «تقدم الجمعية كثيرا من المؤن للأسر الفقيرة في المحافظة».
دراسات بلا نتائج من جهة أخرى، رفض مسؤول في الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية الإفصاح عن اسمه، وأعطى إفادة مقتضبة، قال فيها «تم إجراء عدد من الدراسات على أشجار العرعر التي تعرضت لليباس في عسير وجازان والباحة، وقد حضر فريق متخصص من جامعة يابانية، وعاين الكثير من تلك الأشجار، لكنه لم يحدد أسبابا لموتها الجماعي». أما مدير إدارة الطرق في جازان، فقد بذلت «الشرق» محاولات عديدة للتواصل معه، وأرسلت له رسائل، بخصوص تعثر مشروع طريق جبل القهر، إلا أنه لم يرد.