لا أعلم لما نحن فقط، من لا نفرح بخبر مثل البوابة الإلكترونية، أو الحكومة الإلكترونية، أو أي شيء إلكتروني يُعلن عنه كنصر عظيم، بالتأكيد لأننا نعلم أن خبرا مثل هذا يعني تعطّل و(لخبطة) أمورنا لشهور. ولأنني أتكلم عن الملحقية الثقافية في أمريكا بالتحديد، فإن مفهوم أي شيء إلكتروني، يعني ببساطة أنّك ستتخلى عن الطاقم البشري بالكامل، وتضع كل المهمّة على عاتق هذه الحكومة المسكينة، التي كأني بها تشتكي هذا الحمل الثقيل الذي وُضع عليها من قبل مشرفي ومنسوبي الملحقية! وقبل أن أبدأ بالسيئات، لأكن رجلاً منصفاً، وأقول بأنني قمت بتنفيذ طلبين على البوابة، وكان الرد جيداً وسريعا. لذا فالأمر ليس شخصياً. والحقيقة أن المشكلة التي يعاني منها مبتعثو أمريكا بالتحديد ليست في إدخال التقنية لخدمة الطلاب، وتسهيل المهمة على منسوبي الملحقية، والمشرفين، وإنما المشكلة الرئيسية في الفهم الخاطئ لهذه التقنية، وجعله عذراً لئلا يلقي أحدهم بالاً لأمور الطلاب المبتعثين. ومن البديهي جداً أن تكون الحكومة الإلكترونية غير مبرمجة بشكل كامل لتساعد في حل جميع المشاكل التي تطرأ على الطلاب، فلكل إنسان حالاته الخاصة، ومشاكله التي قد تطرأ بشكل مفاجئ، ولكن هناك مشكلات تحتاج لحل فوري لكي لا يتعطل مستقبل طالب، يعاني مع الاغتراب، والمشاكل المادية، والدراسية، ما الله به عليم، ولا يحتاج لشيء آخر لينغصّ عليه معيشته، وخصوصاً من جهة يُفترض أن تكون راعية له، وميسرةً لأموره، لا واقفة في منتصف حلقه، تعطيلاً، وتعسيراً. فأن يُرسل إيميل ينص بشكل واضح على أن المشرفين الدراسيين، لن يقوموا بالرد على الإيميلات بعد اليوم، لأن الحكومة الإلكترونية قادرة بشكل كامل على تنفيذ جميع طلبات الطلاب، وخدماتهم، يعني أن المسألة زادت تعقيداً للحالات الخاصة التي لا يوجد لها خيار في الحكومة الإلكترونية. أحدهم، يعاني من ستة أشهر تقريباً، لتوقف صرف مكافأته الشهرية، لأسباب بعيدة تماماً عن التسيّب والإهمال، وإنما فقط لأن الإجراءات ليست واضحة. تخيّل أن تكون مغترباً، ولا يوجد لديك دخل شهري لستة أشهر، تستطيع من خلاله الإيفاء بمتطلبات السكن، والفواتير، والأكل، ومصاريف الحياة العامة، في دولة لا ترحم، ولا تهتم إلا بالمال!، تخيّل أنك رب أسرة، ولديك زوجة وأطفال، لا يفهمون معنى أن الملحقية أوقفت صرف مكافأتك، لخلل إلكتروني، أو لأنك غير قادر على التواصل مع مشرفك الدراسي لحل مشكلتك! تخيّل أنك في كل مرة تعاني من مشكلة بسيطة يمكن حلها بإيميل، أو اتصال.. تضطر من أجل ذلك للسفر إلى الملحقية في واشنطن، وسط أسبوع دراسي، فقط لحل مشكلتك بالطريقة التقليدية: المعاريض، والخطابات، ويا فلان تكفى، ويا فلانة أنا عندي أطفال! الأمر مأساوي والله، ولا أحد يرد على إيميلات، ولا أحد يرد على اتصالات، والبوابة تحولت من نعمة تقنية، إلى لعنة تقنية، حلّت بطلاب وطالبات أمريكا وربما مبتعثي الدول الأخرى! [email protected]