كنت مستمعا حينما أبدى أحد رواد العمل الاجتماعي سعادته بالارتفاع المضطرد لأعداد الداعمين للجمعية الخيرية التي يعمل بها وأنشطتها المختلفة، وقد منح نفسه وإخوانه القائمين في الجمعية تصنيفات أكثر تميزا، ولا شك أنه وسواه من العاملين يستحقون الثناء والتقدير سوى أن سؤالا من أحد الجالسين كان بمثابة الهزة التي أيقظت الجميع من نشوة سرورهم، كان السؤال هو: كم عدد الداعمين الدائمين لديكم؟!، بعد صمت لم يدم كثيرا أجاب ب (حدود الألفي داعم)!، هنا قام السائل بعملية حسابية بسيطة قسَّم من خلالها الألفين على عدد سكان منطقة الجمعية والبالغ عددهم تقريبا مائتي ألف نسمة لتظهر لنا نسبة الداعمين هي1 ٪ فقط (واحد في المئة)! لعل من المتيقن منه أن هناك كثيراً ممن يرغبون في دعم الجمعيات سوى أنَّ أحدا لم يستطع منحهم هذه الفرصة من خلال توضيح حجم الأعمال والإنجازات الكبيرة التي تؤديها وأنجزتها تلك الجمعيات، وعلاوة على ذلك فإن هناك حالة من الشك في حسن أداء الجمعيات والسبب كما أظن هو الضعف الإعلامي الذي لا يمنح جميع أفراد المجتمع الفرصة لمعرفة الكثير مما حُقق، هنا يحق لنا السؤال أو ربما العتب على إدارات الجمعيات حول مسألة (تسويق التكافل)، بمعنى الآلية المعمول بها لاجتذاب الداعمين وإقناعهم بالإنجازات المحققة. سراج علي أبو السعود لو تأمل المتأمل منا في أقسام التسويق في الشركات المختلفة لناله العجب من الخطط التسويقية المحكمة التي تُعد، والمعلومات الإحصائية المتوفرة لديهم والجهات المستهدفة بالتسويق، كل ذلك يجعلنا نتمنى جدا أن نرى تلك الخطط والآليات التسويقية في الجمعيات الخيرية. لا اشك أن أقصى ما تتمناه إدارة أي جمعية هو أن ترى جميع أفراد المجتمع إلا المعسرين داعمين لها ولكن تبقى هذه الأماني معلقة ما لم تكن هناك خطط تسويقية يقوم عليها أشخاص متخصصون في التسويق وكذا في الإعلام بحيث يتمكنوا سوياً من إيصال صوتهم للجميع بطريقة علمية محكمة تمنح الجميع القناعة بضرورة دعم هذه الجمعيات بالجهد والمال. مازلت أسترجع المكافأة التي كنت أتقاضها أثناء دراستي الجامعية في جامعة الملك سعود (كلية الإدارة) والبالغة ثمانمائة وخمسين ريالا يُخصم منها عشرة ريالات لأنشطة الجامعة، ولعلي أتساءل دائماً عن السبب الذي يحول دون أن تبادر الجمعيات بالتسويق للتبرع بذات الطريقة أي من خلال التحويل لجزء متفق عليه من حسابات الراغبين إلى حسابات الجمعية بشكل شهري، أعي تماماً أن هذه الطريقة موجودة ولكنَّ حديثي هنا هو حول التسويق لها بشكلٍ أكبر وليس لوجودها.تبقى الأفكار والخطط ل (تسويق التكافل) كثيرة ولكنها ستبقى معلقة ما لم تملك إدارة الجمعيات تلك الإحاطة والإدراك اللذين يجعلانها تعي حجم أدائها الحالي وكيف ينبغي له أن يكون، حينذاك فقط ستعلم كيف من الضرورة بمكان التفكير جديا في آلية للتسويق تجتذب نسبة كبيرة من الداعمين.