بريطانيا وفرنسا تحذران من آثار الرسوم الجمركية الأميركية    18 قتيلا بهجوم روسي على وسط أوكرانيا    سباق النجاة بميانمار أمريكا تغيب والضحايا يتزايدون    وفد أعضاء مجلس الشورى يعقد اجتماعًا مع أعضاء البرلمان الأوروبي    أنشيلوتي يعترف بضعف فرص الريال في المنافسة على لقب الدوري الإسباني    وفاة لاعب أخضر التايكوندو" يوسف جار" إثر حادث أليم    من دون هزيمة.. سان جيرمان يتوج بلقب الدوري الفرنسي    الاثنين المُقبل.. انطلاق منتدى الاستثمار الرياضي في الرياض    شرطة الرياض تقبض على (21) شخصًا لانتحالهم صفة غير صحيحة وسرقة المارة والمنازل    اليد الشاطئية تخسر أمام البحرين    رئيس الوزراء الهندي يعتزم زيارة السعودية    فينالدوم يهدي الاتفاق التعادل مع القادسية    جولات رقابية على النفع العام    ورث السعودية على الطرق السريعة    الجمارك تسجل 1071 حالة ضبط للممنوعات خلال أسبوع    «الألكسو» تدعو إلى حماية المخطوطات العربية وحفظها ورقمنتها    الفنون البصرية تطلق غدًا "أسبوع فن الرياض"    لودي: علينا العمل بهدوء من أجل استعادة الانتصارات    دي بروين يستعد لخوض آخر ديربي في مسيرته مع مانشستر سيتي    الخارجية الفلسطينية: الاحتلال قتل 17952 طفلا في غزة    تعليم جازان يعتمد مواعيد الدوام الصيفي بعد إجازة عيد الفطر    موسم جدة يحتفي بخالد الفيصل في ليلة "دايم السيف"    ارتفاع صادرات كوريا الجنوبية من المنتجات الزراعية والغذائية في الربع الأول من عام 2025    أسعار النفط تسجل تراجعًا بنسبة 7%    أمطار رعدية غزيرة وسيول على عدة مناطق في المملكة    «التعاون الإسلامي» تدين قصف الاحتلال الإسرائيلي مدرسة دار الأرقم ومستودعًا طبيًا في قطاع غزة    الشيخ أحمد عطيف يحتفل بزواج ابنه المهندس محمد    "كريستيانو رونالدو" يعلق على تسجيله هدفين في " الديربي" أمام الهلال    "أخضر الناشئين"يفتح ملف مواجهة تايلاند في كأس آسيا    بعد رسوم ترمب.. الصين توقف إبرام اتفاق بيع تيك توك مع أميركا    «سلمان للإغاثة» يوزّع سلالًا غذائية في عدة مناطق بلبنان    رئيس هيئة الأركان العامة يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية    "دايم السيف"... الإرث والثراء الخالد    إمام المسجد الحرام: الثبات على الطاعة بعد رمضان من علامات قبول العمل    إمام المسجد النبوي: الأعمال الصالحة لا تنقطع بانقضاء المواسم    بلدية رأس تنورة تختتم فعاليات عيد الفطر المبارك بحضور أكثر من 18 ألف زائر    نهضة وازدهار    العماد والغاية    شكراً ملائكة الإنسانية    النوم أقل من سبع ساعات يوميًا يرفع من معدل الإصابة بالسمنة    بريد القراء    العثور على رجل حي تحت الأنقاض بعد 5 أيام من زلزال ميانمار    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    نفاذ نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية ابتداءً من اليوم    المملكة تستضيف "معرض التحول الصناعي 2025" في ديسمبر المقبل    المملكة تحقِّق أرقاماً تاريخية جديدة في قطاع السياحة    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    المملكة تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    أكثر من 30 فعالية في (٨) مواقع تنثر الفرح على سكان تبوك وزوارها    بلدية محافظة الأسياح تحتفي بعيد الفطر وتنشر البهجة بين الأهالي    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    









الدورات التدريبية المعاقة!
نشر في الشرق يوم 28 - 08 - 2012

أحضر هذه الأيام دورة تدريبية تربوية خاصة بالمعلمين، تتمحور حول استراتيجيات التعامل مع الطلاب، يقدمها سعادة الدكتور صالح الهويمل، وهو تربوي وأكاديمي متمكن. والمعلمون هم الفئة المستفيدة من هذه الدورة وأمثالها. والمؤسسات التربوية التي تنفذها تنفق عليها مبالغ هائلة، وتوفر لها إمكانات كبيرة، وزارة التربية والتعليم، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وبعض المؤسسات التي تشرف على التعليم العام ومراحله المتعددة.
التدريب هو موضة العصر الذي نعيشه، وهي موضة ليست بعيدة ولا عميقة في أدبياتنا التربوية ولا المهنية، فبلادنا ومؤسساتها حديثة عهد بهذه المفردات وأخواتها من التدريب والتطوير والتنمية البشرية والاستثمار في الإنسان وو… إلخ.
ومنذ فترة قريبة بدأت الدورات تغزو المؤسسات الحكومية والأهلية بمختلف اتجاهاتها، وتخصصاتها العملية والمهنية، وتطفو على سطح الإعلام والتقارير، وتصرف لها الميزانيات والاعتمادات والبنود التي كانت عاجزة في وقت ما!في المجال التعليمي، مكثت وزارتنا الموقرة ردحاً طويلاً من الزمن وزارة للمعارف غير معترفة بالتربية في اسمها ولا مسماها، ولا كوادرها ولا تطبيقاتها الميدانية، ولا في تأهيل كوادرها من المعلمين والمعلمات، وأعني بالتأهيل، تلك الحفريات المبكرة التي تتغلغل وتتكرس في الذاكرة في مراحل التعليم العام، التي تشكل شخصية الطالب، وتبلور طاقاته وتصقل مواهبه وقدراته العلمية والسلوكية، ومع تغيير اسم الوزارة من وزارة المعارف إلى وزارة التربية والتعليم، ولنلاحظ سبق قيمة التربية على قيمة التعليم في الاسم، حدثت تغييرات كثيرة في مناهج التعليم، وبعض التطبيقات الإدارية والتعليمية، واستحداث بعض الإدارات والأقسام والمخصصات.
كان المنتظر أن يكون التعديل والتغيير إيجابياً، لكنه، وبشهادة المعنيين في الميدان التربوي، من معلمين ومرشدي طلاب، ومديري مدارس ومشرفين تربويين، وكذلك بالنظر إلى الناتج والمخرجات التعليمية التي نتجت بعد عمليات التغيير والتطوير، نجد أن التغيير كان إلى الوراء في الغالب، وذلك على مستوى الكفاية العلمية واللياقة السلوكية للطلاب، والتأهيل التربوي للمعلمين.
يقول معالي الدكتور محمد الرشيد، الوزير الأسبق، إن التعليم في بلادنا هو مهنة من لا مهنة له، وهذا كلام حقيقي، ينطبق على قطاع عريض من المعلمين، وبخاصة في السنوات الأخيرة. فخريج الثانوية الذي لا تقبله التخصصات التطبيقية أو العسكرية وما أشبهها، يعود لينضم إلى كلية أو قسم تربوي، ليتخرج بعد ذلك معلماً (قد الدنيا) وطلاب اليوم وأولياء الأمور يعرفون نماذج كثيرة جداً لمعلمين لا يحسنون القراءة ولا الكتابة، بل لا يكادون يبينون.
هذه النماذج المتردية من المعلمين، لم تكن موجودة في الزمن السابق، وأنا لا أتحدث عن زمن سابق بعيد، وإنما من عشرين عاماً مثلاً، كان المعلم على درجة عالية من التمكن العلمي في تخصصه، وعلى كفاية تربوية جيدة غالباً، صحيح أن الضرب كان الوسيلة التربوية السائدة في زمن مضى، لكنها وسيلة تظافر على تعميقها وتكريسها نمط من التفكير ساد في ذلك الوقت أيضاً.
التدريب ممارسة مهمة، والمؤسسات التربوية مشكورة على جهودها في هذا الإطار، وفي ظني أن الدورات التدريبية التربوية للمعلمين والمعلمات، يجب أن تكون مؤدية لهدفها ووظيفتها الأساسية، في رفع كفاءة المعلمين، وتطوير مهاراتهم، وتصحيح أخطائهم التي تصدر منهم، على مستوى التفكير أو الممارسة والتطبيق، فيما يخص العملية التربوية. في قاعات الدرس والتحصيل. لكن هناك مشكلة كبرى تقف أمام تحقيق هذه الدورات هدفها المنشود، (أنا أتحدث هنا عن الدورات التربوية للمعلمين والمعلمات) هذه المشكلة تقف أمام نجاح عدد كبير من المشروعات التطويرية والخطوات الطموحة في مجالات شتى. إنها مشكلة الإيمان والاقتناع، الإيمان الغائب بجدوى هذه الدورات والكورسات التطويرية، فأكثر من ثلاثة أرباع الذي يحضرون هذه الدورات غير مؤمنين بجدواها ولا أهميتها ولا فائدتها ولا قابليتها للتطبيق من الأساس.
المصيبة حينما يكون لدى المدرب أو الخبير نفس الدرجة من عدم الإيمان واللاقناعة بما يقوم به، وما يردده من نظريات وأفكار وأنشطة جماعية وفردية في دورته تلك! الدورات في نظر غالبية التربويين تمثل فرصة لتغيير الجو، والتعرف على وجوه جديدة، وزملاء جدد من مناطق أو جهات تربوية أخرى. وزيارة مناطق جديدة، وقبل ذلك، تعدّ الدورات مصدراً لتحسين الوضع المادي، بالحصول على مبلغ لطيف يضاف لميزانية الشهر، مقابل تذاكر السفر والإقامة والانتداب اليومي! هذه حقيقة صادمة، لكنها ليست سراً.
هذه النظرة ليست مدانة بالكامل، وليست صحيحة بالكامل، وعلى الذي سيصدم بحديثي هذا أن يتأمل المسألة، ليجد أن لأصحاب هذه النظرة وجاهة ومنطقية، وذلك أن كثيراً من النظريات التربوية الرائعة، لا يستقيم لها تحقيق النجاح، ولا تستطيع العيش إلا وسط منظومة متكاملة العناصر، من المبنى إلى أعداد الطلاب إلى المناهج والتقنيات والإمكانات المساعدة على نجاحها وقابليتها للتطبيق، فكيف لك أن تحسن التعامل مع الطلاب والإصغاء إليهم في مبنى متهالك، لا يُعرف بابه من شباكه، أو في أعداد طلاب يزيدون على ثلاثين طالباً في غرفة لا تزيد مساحتها على أربعة أمتار في مثلها؟!
التطوير لا يكون للمعلم وحده، وليس للمناهج وحدها، التعليم المتطور يحتاج إلى بيئة تعليمية وتربوية سليمة، حتى يستجيب للنظريات الحديثة والأفكار الإبداعية، منظومة متكاملة العناصر، تبدأ بتأهيل المعلم التأهيل القوي، ولا تنتهي بتأهيل المباني من حيث مستوى النظافة والسلامة.
هذه وغيرها كلها أسباب وجيهة لعدم اقتناع المتدربين من التربويين بما يحضرونه من دورات، وتعدّ عائقاً كبيراً أمام تحقيق التدريب لما تُرجى منه من نتائج ومخرجات، لكنها ليست عائقاً ولا مبرراً لتقاعس المعلم أو التربوي عن تطوير ذاته ومهاراته ومعارفه، حتى يستطيع أن يؤدي رسالته العظيمة في أقصى الحدود التي يستطيعها، ولا يركن إلى المثبطات المتكاثرة، التي تعيق تطور التربية والتعليم لدينا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.