كنت قد حضرت زواجاً قبل بضعة أيام مختلفاً عما اعتدنا عليه، فعادة يكون السأم والملل ومراقبة الساعة هو السائد في قاعات الأفراح، غير أن الفرح والمتعة والفائدة قد عرفت طريقها للمناسبة تلك، فحلت محل الروتين الذي بات شبحاً يطارد الرجال في معظم قصور الأفراح. فقد عمد منظمو الحفل لإدراج عدة أنشطة ترفيهية وتثقيفية بدأت من بعد صلاة العشاء واستمرت إلى وقت إحضار طعام العشاء. كانت هناك منصة في الهواء الطلق، أمامها جلسات فسيحة قد اكتظت بالحاضرين المستمتعين بما يشاهدون، فقد تنوعت فقرات النشاط ملبية رغبات وميول كثير من المتابعين ومراعية فكر الفئات العمرية المختلفة، حيث كان المجال مفتوحاً للجميع، فبادر بعض المهتمين بالشعر الشعبي لطرح شيء من قصائدهم، ثم طرح المنظمون مجموعة من الأسئلة الثقافية التي خصصوا لها جوائز تشجيعية مختلفة، وترافق هذا مع دعوة صغار السن للمشاركة بما لديهم وما يحفظونه من آيات قرآنية وأناشيد هادفة ونحو ذلك، والجميل فيما قُدم أنه يناسب الظرف ويحفز في النفوس دواعي السرور والمتعة، الأمر الذي جعل لحظات الانتظار تمر سريعاً. ما أُريد أن أُشير إليه في هذا الصدد هو أن كثيراً من مناسباتنا أضحت محاطة بسور من الضجر يجعل من بداخله يصارع دقائق ساعته لحين انتهاء المهمة، وهذا الأمر لم يكن سائداً في الماضي بل نشأ نتيجة لمتغيرات ومستجدات حديثة إذ خرج علينا من يستغل مناسبات الفرح لأمور لا تناسب الموقف بل ويقلل من أهمية انشراح الصدور وممارسة ما يدعو الناس للنشاط والمزاح والاستمتاع بوقت يجمعهم، لهذا نحن بحاجة لإعادة مظاهر النشوة والسعادة للمناسبات التي يفترض أن تكون عنواناً للابتسامة وانبساط الأنفس كالأعياد وحفلات الزواج وما في حكمهما، وذلك بتشجيع كل ما يبعث على السرور في حدود الشرع والعادات والتقاليد السوية وإبعاد كل ما من شأنه طمس معالم الفرح والأنس.