ليست الأعياد متشابهة، ولا متساوية. فلكل عيد مظهره، ولكل جغرافيا طقوسها في الأعياد. في العيد كثيرون يتساءلون! أما عمّ يتساءلون؟ فعنْ ما تساءل عنه حكيم الشعراء أحمد بن الحسين حين قال: عيد بأية حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟ وغالبا ما تكون الحال متقاربة، وقليل هو التجديد من عيد لآخر، خصوصا على مستوى الأمة، فالمآسي تتكرر، والعثرات تتعاقب، والمحن تترى، والفرقة تزداد! فهل نتفق مع عمر أبي ريشة: يا عيدُ، ما افترّ ثغر المجد يا عيدُ فكيف تلقاك بالبشرى الزغاريدُ؟ وبالتالي، علينا أن نئد الفرح، ونغتال البهجة، في انتظار مجد قد يطول؟ وهل يجب على الفرد أو الجماعة الصغيرة أن تبقى أسيرة الهم القومي، بحيث لا تفرح بمنجزها الفردي أو الجماعي؟. ونظل نردد تساؤل الشاعر المهجري إيليا أبي ماضي في بداية القرن المنصرم: أقبلَ العيدُ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ إنه تعجب ودهشة! فكيف يمكن أن يكون هناك عيد ويغيب عنه الحبور، مما جعل أبا ماضي يتأمل في الناس فيرى عيونا حزينة.. وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ صُفْرَهْ وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ وكأن البحث عن ابتسامة في العيد أمر بات صعب التحقيق على مدى قرون من زمن أمتنا! فهل علينا أن نبقى تحت سيطرة الحزن وهيمنة الأسى؟ المسألة تكون بين التفاؤل والأمل، وبين اليأس والقنوط! لكن الفيصل الأكبر في كلتا الحالتين هو العمل الجاد الحقيقي لتغيير الواقع إلى ما هو أفضل. قد نرى أن واقع الأمة سوداوي، لكن هناك إنجازات كبيرة ومتعددة، يحققها أفراد أو جماعات، أو ربما دول! فكيف يمكن النظر إلى كل ذلك؟ هل تغتال فرحة هذه الإنجازات لأن حال الأمة الكبرى مأساوي؟ نحن بحاجة إلى كثير من التفاؤل، فالإيجابية هي التي تصنع التغيير. والاحتفاء بالمنجز الفردي والجماعي، والتعبير الإيجابي عنه، وإظهار الفرح والسرور، قد يكون عاملا إيجابيا، يدفع الإنسان، إلى تحقيق طموحات أكبر، على مستوى المجتمع والدولة ثم الأمة. في هذه الأيام يحتفل المسلمون بعيد الفطر، بعد أن منّ الله تعالى عليهم بإتمام صيام رمضان: فليهنأ الصائم المنهي تعبده بمقدم العيد إن الصوم قد كملا والعيد أقبل مزهوًّا بطلعته كأنه فارس في حلة رفلا والمسلمون أشاعوا فيه فرحتهم كما أشاعوا التحايا فيه والقبلا كما عبر محمد سعد المشعان. وبهذه المناسبة يحسن أن نردد مع عبدالرحمن العشماوي: أتاكم العيد بالأفراح فاحتفلوا وأكثروا من تهاني العيد واتصلوا وبلغوا الأهل والأصحاب تهنئة بالعيد يزهر فيها الحب والأمل وأرسلوا عبر موجات الأثير لهم لحنا تدور على أنغامه المقل