إن ردة فعلي الأولى بعد أن انتهيت من مناقشة أحدهم في موضوع ما كانت غير مرضية، وشابها تساؤل : إذا كان النقاش على هذا الحال فلماذا يعد مشكلة ؟ فالنقاش الجيد ( الذي يجب أن يقتضي ضمنا ً على فائدة ) لكنه يشكل في نهاية الأمر حجم المشكلة، لكن تبيّن لي أن ثمة فارقا مهما بين النقاش والجدال، حينها تذكرت قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) : قيل وما المراء قال الجدال حينها أيقنت أني قد تجاوزت حدود النقاش وغرقت في براثن الجدال. إن النقاش إذا تحوّل إلى جدال فإنه حتما ً سيصبح أكثر إرباكا ً ولكنه أيضا ً أكثر إثارة، حيث تبدأ الآراء الغاضبة والأفكار المستقطبة حول الصواب لتعزيز المواقف بغض النظر عن ماهية الحقيقة، فيتحول الموضوع بأكمله إلى موضوع آخر فاقدا ً نقاءه الأصلي مفعما بجو فرداني لم يراع البعد الجماعي ولا البناءات الشخصية تمثيلا ً أو قياسا ً، لا يوفر طرقا ً جديدة لإدراك ذلك الموضوع. همسة: الضوضاء ليست نوعا ً من أنواع الإزعاج فحسب، بل هي إرباك للفكر .