عُرفت الأحساء بتعدد المذاهب، وكانت مقصدا لطلاب العلم، الذين توافدوا عليها لينهلوا من علمائها ومشايخها أصناف العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية والتاريخ، ومنهم مجدد الدعوة السلفية الشيخ محمد بن عبدالوهاب. وتتميز عن الكثير من مناطق السعودية الأخرى بانتشار المذاهب الخمسة الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي والجعفري، وعلى الرغم من اختلاف المذاهب إلا أن الألفة والمحبة والتوافق تجمع بين أبناء المنطقة، وتجدهم يتزاورون في مجالسهم، ويتبادلون الآراء فيما بينهم حول الأحكام الفقهية فكل منهم لايتردد في الأخذ عن الآخر. ويعتبر طريق الملك خالد في مدينة الهفوف على مدخل الأحساء مثالا للتجانس بين جميع الأطياف. ويمتد الشارع من بداية حي الكوت من جهة الشمال، إلى نهاية حي النعاثل من جهة الجنوب، مخترقاً سوق «السويق» بطول 1300متر، ويضم على جانبيه ثمانية مساجد، تؤدى الصلاة فيها على المذاهب الخمسة، فمساجد الفاتح والعمير والغرب والجعفري تتبع المذهب الشافعي، ومسجد على شاه المذهب الحنفي، ومسجد الأمام فيصل بن تركي على المذهب المالكي، ومسجد السدرة يؤمه من يتبع المذهب الحنبلي، ومسجد الشواف يؤمه من يتبع المذهب الجعفري. وتفصل بين المساجد 150 مترا. مسجد الفاتح إبراهيم الخليفة وقال إمام مسجد الفاتح إبراهيم الخليفة أن المسجد بناه محمد فروخ باشا، بأمر من السلطان سليمان القانوني في عام 962 ه، مضيفا كان يقوم على إمامته جدي علي المغربي الحصاري، الذي تم استقدامه من المغرب لتولي الإفتاء في المنطقة على مذهب الإمام مالك، بعد وفاته خلفه ابنه عبدالرحمن، الذي تفقه على المذهب الشافعي، حيث أصبحت أسرة الخليفة تتبع المذهب الشافعي. أضاف أدركنا الكثير من علمائنا السابقين مثل الشيخ محمد أبي بكر والشيخ محمد آل مبارك والشيخ محمد العبداللطيف والشيخ محمد العفالق والشيخ حسين الشواف، وبالرغم من اختلاف مذاهبهم إلا أنهم كانوا يتبادلون الفتاوى والآراء الفقهية، وكانوا يأخذون من بعضهم البعض، فإذا وجد أصحاب أحد المذاهب ضيقا في أحد المسائل لايترددون في الرجوع إلى أصحاب المذاهب الأخرى واستشارتهم. وبين أن العديد من المساجد كانت تدرس فيها العلوم الفقهية على مختلف المذاهب. أيضا تجد بعض العائلات تتبع أحد المذاهب السالفة إلا أنك تجد أحد أبنائها يتفقه على مذهب آخر خلاف الذي تسير عليه أسرته. مسجد علي شاه وقال إمام مسجد علي شاه الشيخ عمر بن أحمد أبي بكر إلى أن المسجد، الذي بني منذ أكثر من مائة عام، يجمع العديد من أبناء المنطقة على مختلف مذاهبهم، لأداء الصلاة أو لتلقي الدروس العلمية في القرآن الكريم والفقه والحديث، فأثناء الدروس العلمية التي تقام في المسجد للجميع الحق في الحضور والاستفادة من الدرس وإبداء رأيه في أي مسألة حسب المذهب الذي يتبعه، فيما يتبادل معه الجميع الآراء باحترام، فكل منهم يتقبل ويقدر رأي الآخر دون أي إساءة للآخرين. مسجد السدرة خالد بوحميدة وأوضح إمام مسجد السدرة الشيخ خالد بن أحمد بوحميدة أن المسجد بني منذ أكثر من ستين عاما، وتم تجديد بنائه منذ ثلاثين عاما، وأشار إلى أن المسجد يقع في وسط السوق لذا تجد المصلين يرتادون المسجد على مختلف مذاهبهم دون النظر للمذهب الذي يتبعه أمام المسجد فالجميع مسلمون يجمعهم دين واحد بغض النظر عن اختلاف مذاهبهم الذي يعد اختلافا فقهيا لكن تبقى عقيدتهم واحدة. مسجد الشواف عبدالله الشواف وذكر أمام مسجد الشواف الشيخ عبدالله حسين الشواف أن المسجد تم بناؤه منذ أكثر من 35 عاما، حيث كان يؤمه الشيخ حسين الشواف، وأشار إلى أن الإسلام دين واحد يجمع المسلمين على كلمة واحدة كما أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم نزل عليه قرآن واحد لجميع المسلمين الذين يجمع بينهم الود والتقارب والألفة دون النظر لاختلاف مذاهبهم وأعراقهم وثقافاتهم، فذلك اختلاف في الأمور الفقهية فلكل رأيه ونهجه الذي يسير عليه إلا أن الإسلام يجمعهم على كلمة واحدة. مسجد السدرة مسجد الفاتح (الشرق) مسجد علي شاه