عبدالله السفر قامة تسندها الروح وحضور يقوم على فكرة ورؤية ووعي. مبدع يحسن النشيد وتضفير القصائد ومبدع يحسن السماع وفك المعاني وخلق نص موازٍ للإبداع الأول. قارئ للجديد وحريص على تتبع خطى الكلمات، ورصد إيقاعها ودوزنة نبضها. يلتصق بالشباب وبالإصدارات البكر وبالحروف الأصيلة التي لم يغسلها الضوء بعد. عبدالله السفر حالة جميلة تستحق السفر في خصالها ومواقفها وحضورها المبهج والغني. ماذا نعرف عن السفر؟ حسناً.. هو لم يلبس بشت الوزارة بعد، لم تعرض عليه سفارة إلى الآن، ولم يسجل اسمه في قائمة الأغنياء ولا في صفحة أهل النفوذ، ولم يزعم ثقة من الثقات أنه ممن نجا من القروض ومحن هبات البنوك. من يكون إذن؟. عبدالله إنسان يمارس الفعل الثقافي الإيجابي، روحه قريبة ممن يتابعه لأنها أقرب للنص ولمعاناة الإنسان التي تحتويها دفتا كتاب. عبدالله أحسائي ولد عام 1960م وكتب في أكثر من صحيفة ونثر إبداعه شعراً ونقداً في عدد من الكتب. وحتى نعرف أكثر عن حالته، نختم بمقطع من كتابه «جنازة الغريب»: «دفع بدمعته الرسول، وهام طيّ رسالة لم يحملها. أخذ بالتهدج، ناله يأس الكائن، فراغ الأمل من صاحبه، نفاذ السكين، عري الوردة من شوكتها. وهذا الليل الذي لا يحسن مدافعته، حين الأصدقاء بمناكبَ مذعورة يخلون سرير محبتهم ويتهافتون إلى مراكبَ مخلّعة مشقوقة الأشرعة. يعرفون أنها ليست مأوى في اليابسة، ولا تصمد في الماء. يغادرون وحسب لأن الرسول فاضت به الدمعة وانجرحت منه الحنجرة...».