نحن حاليا لم نعد ننحر الشجر فقد ارتاحت، وأخذنا نكتب على الهواء بأسطر تغطس وتظهر مثل عالم الجن والأشباح. لم نعد نلوث بالحبر لم نعد نكدس الورق. تحول العالم إلى ديجتال. حتى أموالنا الورقية أصبحت أرقاما في البنوك. ياساتر لو تبخرت في ضربة إلكترونية فيصبح المليونير لايملك شروى نقير. استولى عليّ هذا الشعور البارحة وأنا أتسوق في مدينة النماص الباردة في أوجست درجة الحرارة 21 ، يغلفنا الهواء البارد، وتتخلل مفاصلنا رطوبة منعشة، تطوقنا الغيوم، ولانكاد نبصر أمامنا من كثافة الضباب، ونغتسل في حمام طبيعي من مطر منهمر كل يوم تقريبا. أقول استولى علي شعور غريب عندما فرغ جيبي من (الكاش) فاصطففت مع الناس أمام صندوق حديدي ميت يجيب أو لايجيب فيعطيك النقد أو يقول لا هذا ماحصل معي بين البنك العربي، والراجحي الذي لايخيب، وهي ليست دعاية له فهو بغنى عنها. وهكذا فحتى النقد أصبح ديجتال. ربما للمستقبل سيتم الاستغناء عن البطاقة المغناطيسية، ويكفي وقوف أحدنا بلون القزحية أو نغمة الصوت أو بصمة الأصبع لا أدري. المهم البارحة فتحت بريدي الإلكتروني لأجده قد تبخر. يقول الكمبيوتر هناك شخص آخر يستعمل هذا الحساب. فهرعت أطرق أبواب خبراء الكمبيوتر للنجدة. يجب أن يكون بقربك دوما واحد من هؤلاء الأصدقاء المهمين يستجيب لندائك في كل حين، وأغلبهم من الشباب حديثي السن. جيلنا نشف دماغه وتجمدت ارتكاساته، أما هذا الجيل الجديد فيلعب بمهارة في هذا العالم اللجي موج فوق موج من الإلكترونات. هنا أدركت خطأي. إمكانية فتح حساب جديد يتم في دقائق. أنا مرتبط بالهوت ميل منذ أكثر من عشر سنوات. تقريبا منذ وطأ عتبة هذا العالم الجديد الذي تطور مع نهاية القرن العشرين. كنا نرسل في مطلع التسعينات المقالات بالبريد. بعدها بسنوات قليلة جاء الفاكس فكان الفتح المبين، وتقريبا وأتذكر ذلك جيدا ربما عام 1998م بدأنا ندخل عالم النت بكمبيوترات متواضعة بذاكرة كانت في حدود 20 ميجا بايت. نحن نتكلم الآن عن التيرا. أدركت خطأي أن عناوين قريب من 500 ممن اتصل بهم ضاعت في أمواج هذا البحر الأخضر العجيب. رجعت إلى قاعدة الفيلسوف ابكتيتوس عسى خيرا. بدأت بفتح حساب جديد وتجميع العناوين من جديد عبر الموبايل وسواه من بقايا الشظايا. النصيحة احفظ العناوين في مكان مستقل، وارجع إلى القواعد القديمة؛ أي استعمال الورق فاطبع كل العناوين الهامة من صندوق بريد وبريد إلكتروني. هكذا بدأت اليوم بعد كارثة البارحة من فقدان بريدي الإلكتروني. قالوا هناك طريقة للاسترداد ولكننا أميون في مثل هذه المباريات. المهم لي معاودة الاتصال بمراكز الكتابة اليومية والمنابر التي أنشر فيها أبحاثي. فهذه هي نصيحة اليوم احفظ عناوين بريدك الإلكتروني مطبوعة على أكثر من ورقة وفي أكثر من مصنف حافظ في كتاب مسطور في رق منشور.