في العدد الأخير من مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية اتهام صريح لقناتي «الجزيرة» و»العربية»، باللامهنية الإعلامية واللامصداقية في المعلومات، خاصة فيما ينقل من وقائع وأحداث من داخل سوريا، كما أنهما تعتمدان على المكالمات الخارجية المجهولة مع عرض أشرطة فيديو لم يتم التأكد من صحتها. هذا إلى جانب الازدواجية – حسب التقرير – التي تتعامل بها القناتان، حسب طبيعة الجمهور المتلقي، حيث يوجد اختلاف واضح بين مضمون الرسالة الإعلامية المقدمة في قناة الجزيرة أو العربية الإنجليزية عنها في القنوات العربية. خلاصة هذا التقرير: «أنه في الوقت الذي تشتعل فيه الحرب الأهلية في سوريا حاليا بين الموالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضين له، ظهرت في الأفق حرب جديدة ولكن على المستوى الإعلامي تشنها قناتا الجزيرة والعربية، اللتان تسيطران تماما على القطاع الإخبارى العربي، ضد النظام السوري، إلا أنهما دائما ما تعملان على تشويه الأخبار بشكل كبير». إلا أن التقرير – وللحقيقة – يشير صراحة إلى مخاطر إرسال أي فريق عمل صحافي لسوريا التي تعتبر أخطر مكان الآن بالكرة الأرضية للصحافيين. وهذا الاعتراف هو مفتاح «تهافت» الهجوم الضاري على القناتين، فإذا كان النظام السوري يمنع المراسلين الأجانب من دخول البلاد، ويراقب التقارير الصحافية المحلية، فكيف يمكن أن تعمل القنوات الفضائية وشبكات الأخبار الأقليمية والدولية؟ هجوم المجلة الأمريكية على قناتي «الجزيرة» و»العربية» يأتي في إطار خطة كبرى يقف وراءها النظام السوري وروسيا والصين وإيران، وبعض المنظرين الفرنسيين لتشويه بعض الدول الأعضاء في «الناتو» حلف شمال الأطلنطي ودول مجلس التعاون الخليجي، واتهامها بالتحضير لانقلاب عسكري، وعمليات إبادة جماعية ذات طابع طائفي في سوريا. حيث تم إرسال رسائل عبر الإنترنت منذ أوائل يونيو الماضي 2012 بتوقيع «تييري ميسان»، عنوانها «حلف شمال الأطلنطي يخطط لعملية تضليل واسعة النطاق»، يقول: «في الأيام القليلة القادمة، وربما اعتبارا من ظهر يوم الجمعة الموافق 15 من شهر يونيو، سوف يتفاجأ السوريون بغياب قنواتهم المحلية عن شاشاتهم، وظهور محطات تلفزيونية من صنع وكالة الاستخبارات المركزية بدلا عنها. وسوف يرون صورا قد تم فبركتها في الاستوديوهات، تظهر مجازر منسوبة إلى الحكومة، ومظاهرات شعبية عارمة، ووزراء، وجنرالات في الجيش، يقدمون استقالاتهم بالجملة، وصورا تظهر هرب الرئيس الأسد من البلاد، وتجمع المتمردين في قلب المدن، وتشكيل حكومة جديدة في قلب القصر الجمهوري». «ميسان» يؤكد بأن وسائل الإعلام لم تعد منذ الآن فصاعدا مجرد أداة دعم للحروب، بل صارت تصنعها. ويحذر من الدور المحوري الذي تلعبه قناة «الجزيرة» و»العربية» في كل ما جرى – ويجري – في المنطقة منذ يناير عام 2011، يقول: « قبيل معركة طرابلس بقليل، صمم حلف الناتو صورا، بثها عبر قناتي الجزيرة والعربية، تظهر متمردين ليبيين وهم يتقدمون نحو الساحة الرئيسة في العاصمة، بينما كانوا لايزالون واقعيا على مسافة بعيدة من المدينة، لكن ذلك أدى إلى إقناع سكان العاصمة، بأنهم قد خسروا الحرب مسبقا، وبالتالي عدم جدوى المقاومة». كما يشير إلى أن هناك خططا وضعها مهندسون ومخرجون ترمي إلى فبركة صور وهمية، هي مزيج بين الاستوديو المفتوح، والصور المركبة بواسطة الكمبيوتر. وقد تم بناء استوديوهات خلال الأسابيع الأخيرة تحاكي قصري الرئاسة في سوريا، إضافة إلى العديد من الساحات المهمة في دمشق، وحلب، وحمص. فضلا عن أنه يوجد مسبقا استوديوهات مماثلة في الدوحة، لكنها غير كافية». اللافت للنظر أن حركة الأحداث (كذبت) كل ما قاله «تييري ميسان» رغم أنه باحث فرنسي مرموق، ورئيس ومؤسس شبكة «فولتير» الموالية لنظام بشار الأسد، كما أثبتت تحامل مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية وتهافت تقاريرها اللاموضوعية، فإذا كانت قناة «الجزيرة» و»العربية» تنقل الأكاذيب فما الذي يمنع القنوات الفضائية الغربية والشبكات الإخبارية العملاقة مثل «السي إن إن» من نشر «الحقائق»؟.. الأهم من ذلك أنه فات كل من يهاجم القنوات الفضائية العربية أن «الإعلام البديل» اليوم من شبكات التواصل الإجتماعي (تويتر وفيسبوك وفليكر ويوتيوب) عبر الإنترنت والتليفون المحمول والآي باد والآي فون عبر الأقمار الصناعية، يستطيع أن ينسف – وفي جزء من الثانية – أية مزاعم إعلامية كاذبة، بالصوت والصورة.