تحت عنوان " الجزيرة ليكس محطّة الرأي الآخر تزوّر التاريخ " كتبت صحيفة لبنانية عن اختراق موقع قناة الجزيرة على الإنترنت وتسريب رسائل حساسة بين مذيعيها. أول من أمس، تلقى كل العاملين في شبكة قنوات «الجزيرة» رسالة إلكترونية تطلب منهم تغيير كلمات المرور الخاصة بكومبيوتراتهم وبريدهم الإلكتروني. هذه الخطوة لم تفاجئ الموظفين والصحافيين بعد عملية القرصنة التي تعرّض لها الأسبوع الماضي جهاز الشبكة من قبل «الجيش السوري الإلكتروني»، وهي العملية التي أدّت إلى خروج أسرار المؤسسة إلى وسائل الإعلام. التسريب الأبرز كان مراسلة بين المذيعة في المحطة رولا إبراهيم ومراسل القناة في بيروت علي هاشم. وكشفت إبراهيم لزميلها أنها باتت «مرتدّة على الثورة» بعدما اكتشفت أن التحركات الاحتجاجية «ستخرب البلد وتودي به إلى حرب طائفية». ثمّ تطرّقت إلى موضوع «الجيش السوري الحرّ» المعارض ووصفته بأنه «فرع من فروع القاعدة». وانتقلت للحديث عن بعض زملائها في الدوحة قائلةً: «أنا شاهدة على إعلام فاطمة التريكي، وماجد عبد الهادي، ومازن إبراهيم، وبسام القادري، وفراس ناموس، وأحمد زيدان ... وهذان الأخيران يرفضان إلقاء التحية عليّ منذ بدء الأحداث في سوريا بسبب حقدهما على طائفتي». وتضيف: «القصة تتعدى الرأي بالنسبة إليّ، بل إنها قصة شعبي وأهلي وقبر والدي وذكرياتي ...». ويرد هاشم بطريقة تتفق معها في الرأي، ليقول إنه فضّل الوقوف على الهامش بعدما «أرسلت صور المسلحين الذين شاهدتهم بعيني وهم يشتبكون مع الجيش ويرمون عليه القذائف من وادي خالد ... بل طلبت مني إدارة «الجزيرة» العودة إلى بيروت بحجة أنّني متعب ...». مجدداً، تردّ إبراهيم عليه لتقول «تعرضت للإهانة الشديدة، ومسحت بالأرض، لأنني أحرجت زهير سالم الناطق باسم «الإخوان المسلمين» في سوريا، وحرمت بسبب ذلك من كل مقابلات سوريا وتعرضت لتهديد بنقل دوامي إلى دوام ليلي بحجة أنني أفقد المحطة توازنها». ثم تلفت إبراهيم إلى التحريض الذي يمارسه الناشطون السوريون على الهواء بعبارات تحريض طائفي يفهمها السوريون جيداً». ثم يتساءل هاشم في رسالة جديدة عن موقف مدير الأخبار (إبراهيم هلال)، فترد عليه زميلته بالقول إنه واقع «بين فكّي كماشة، أحدهما له علاقة بالأجندة والآخر بالمهنية المطلوبة ...». هذه المحادثة الإلكترونية كاملة بثّتها «الإخبارية السورية» بعدما أجرت مقابلة مع القراصنة الذين اخترقوا نظام «الجزيرة» المعلوماتي. لكن هذا السبق الصحافي لم يأخذ حقّه، ولم يصل إلى جمهور كبير بسبب ضعف الإعلام السوري الرسمي وعجز قناة الإخبارية عن تحقيق الحضور المطلوب، إلى جانب فقدان الثقة بهذه المحطة. هكذا مرّ التقرير مرور الكرام، فيما تجاهلته «الجزيرة» ولم تتطرّق إليه. وهو ما أكّده لنا مصدر من داخل الفضائية القطرية في الدوحة، إذ أكّد المصدر أن إدارة «الجزيرة» تعيش في تجاهل مطلق لما حصل «حتى إنها لم توجّه أي ملاحظة لعلي هاشم أو رولا إبراهيم»، مشيراً إلى أنّ الجميع في الدوحة يعلم أن عاملين في قسم المعلوماتية تواطأوا مع الجيش الإلكتروني «لأن اختراق نظامنا مستحيل بسبب إجراءات الأمان والحماية». ويضيف المصدر إن بعض الموظّفين شعروا بالارتياح لتسريب هذه المكالمة «لأنها فضحت سياسة المحطة المتحيّزة والبعيدة عن المهنية في تغطية الملف السوري»، ويؤكّد ما كانت رولا إبراهيم نفسها قد قالته في رسالتها لهاشم: «مسؤول الملفّ السوري هو أحمد إبراهيم، وهو نفسه شقيق أنس العبدة (عضو المجلس الوطني السوري المعارض) لكنّه غيّر اسم عائلته كي لا يفتضح أمره». والمصدر الممتعض من سياسة قناته تجاه الوضع السوري يقول: «هناك أصوات بدأت تعلو وتطالب بالتمييز بين القتلى السوريين، أي تسمية القتلى المعارضين بالشهداء، أما قتلى الجيش والموالين فتمنع هذه الصفة عنهم». ويؤكّد المصدر أن فريق «الجزيرة» مقسوم حالياً إلى قسمَين: «الأول يريد تغطية مهنية يرأسه مدير الأخبار إبراهيم هلال، فيما القسم الآخر يرى أنّه جزء من هذه الحرب الدائرة، ولا يتوانى عن إظهار هذا الموضوع على الهواء ... أحمد زيدان مثلاً تحوّل إلى ما يشبه المراسل الحربي». وفي ظل هذه الحرب، يشير المصدر إلى بعض المجموعات التي بدأت تظهر على فايسبوك والموجّهة ضدّ بعض مذيعي «الجزيرة»، «وتهمتهم الوحيدة أنهم حاولوا أن يكونوا موضوعيين». هكذا شنّ بعضهم على مواقع التواصل الاجتماعي حملة شرسة على الإعلامي اللبناني حسن جمّول تطالب بطرده من قناة «الجزيرة» فقط لأنه سأل أحد الناشطين السوريين (خالد أبو صلاح) «لماذا يتركّز القصف على بابا عمرو دون غيره من الأحياء في حمص؟». إذاً، مرّ التسريب على خير. وفي وقت لم تتمكّن فيه «الأخبار» من التحدّث مع إبراهيم أو هاشم ولا حتى مدير الأخبار إبراهيم هلال، يبدو أنّ معركة النظام السوري والموالين له مع قناة «الجزيرة» بدأت تتّخذ منحى آخر. وهو ما يبشّر بتصاعد وتيرة الحرب الإعلامية الإلكترونية بين الطرفَين ... ويبدو أنهما جاهزان للمعركة. أين الخصوصية؟! دعم معنوي إضافي تلقاه الجيش السوري الإلكتروني بعدما مدحه الرئيس السوري، بشّار الأسد، خلال خطابه في جامعة دمشق، وهو ما كرره أمام الوفود الشعبية التي زارته. وبعد اختراق النظام الإلكتروني لقناة «الجزيرة»، عمد الجيش الى تسريب محادثات خاصة بين الإعلاميين في المحطة من بينها مراسلات رولا ابراهيم، إلى جانب تسلله إلى خدمة الاشتراك بالأخبار العاجلة ونشر خبر كاذب للمشتركين يفيد بأن أمير قطر توفي بجلطة دماغية. واعتبر ذلك رداً من الجيش على اختراق خدمة الرسائل على تلفزيون «الدنيا» الموالي للنظام. ورغم هذا «النصر» الذي سجّله الجيش الإلكتروني، يبقى السؤال عن المعايير الأخلاقية، واختراق خصوصية الصحافيين في حرب يبدو أن أحداً لن ينجو منها.